ضيّف منتدى «بيتنا الثقافي» في بغداد، السبت الماضي، التدريسي في جامعة كربلاء د. عدنان المسعودي، الذي قدم محاضرة بعنوان «فالح عبد الجبار .. قراءة فلسفية»، بحضور جمع من المثقفين والمهتمين في الشأنين الثقافي والفكري.

المحاضرة التي احتضنتها قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، والتي أدارها الرفيق سعدون هليل، ألقى فيها المسعودي الضوء على الأفكار الفلسفية للمفكر الراحل فالح عبد الجبار، وعلى محاور ومحطات فكرية جوهرية في كتاباته.

وقال أن الراحل يتبع نهجا ماركسيا علميا رصينا، ويمتلك رؤية فلسفية ثاقبة «فهو خريج مدرسة الحزب الشيوعي العراقي، ومعروف على مستوى الوطن العربي، وأبعد من ذلك»، لافتا إلى أن فكر عبد الجبار يمتاز بخروجه عن المسارات المقيدة «فهو لم يتقيد بمنهجيات المادية الجدلية، بل تأثر بالمنهجيات السيكولوجية لمدرسة ماكس فيبر. وهذه المدرسة ليست بعيدة جدا عن الأصول الماركسية».

وتابع قوله: «أما الفرق بين فالح وغيره، فهو أنه دقيق جدا ومسلح بمنهجية ديالكتيكية علمية رصينة، تجعل البنية الفكرية تابعة للبناء التحتي. وعند قراءة كتبه يجد القارئ اختلافا بينه وبين غيره. فلهذا المفكر رؤية أعمق».

وأوضح أن «عبد الجبار عالم أكاديمي وليس مجرد باحث، لذلك يتقيد أحيانا بإشكاليات البحث التقني والأكاديمي، وكتبه غير قابلة للتأويل كثيرا مثل بقية المجالات».

وتحدث المحاضر عن كتاب عبد الجبار الموسوم «العمامة والأفندي»، مبينا أن الفقيد أصدر كتبا كثيرة، وهذا الكتاب واحد من أهم كتبه، ويمكن من خلاله تأسيس رؤية فلسفية لأفكاره ومؤلفاته الأخرى.

واستعرض المسعودي المحاور الأساسية التي عالجها هذا الكتاب، ومنها الصراع الطائفي الذي شهده العراق بعد التغيير 2003، وظاهرة نشوء حركات الإسلام السياسي، وظهور أحزاب عديدة في العراق استنادا إلى تلك الحركات.

ولفت المحاضر إلى انه «وفقا لعبد الجبار فإن أحزاب وتيارات الدين السياسي تنطوي على جوهر يتركب من ثلاث نواتات رئيسة، هي: الاستبداد والعنف والفساد. وان هذه التيارات الدينية ذات نزعة سياسية معادية للدولة المدنية، وانها تخالف ما تقوله في المظهر».

وأضاف قائلا أن «عبد الجبار ينطلق من مقولات هامة، مثل (التناقض). فهو يوضح التناقض الحقيقي لشعارات الإصلاح المرفوعة مع حقيقة السلوك الموجود. وهنا يوضح أن الاتجاهات الديمقراطية التي يتبناها بعض الأحزاب هي وسيلة وليست غاية. وهذا هو سبب تعثر العملية الديمقراطية في العراق»، مبينا أن «هذا ينطبق على أحزاب غير دينية أيضا توجد في الحكم، وتتبنى الفساد كمنهج فكري وتنتهي لاحقا بعنف كبير واستبداد مهما رفعت من شعارات».

ونوّه المسعودي إلى أن «عبد الجبار شخّص مشكلة الأكاديميين في المنطقة العراقية واعتبرها مفاهيمية. فدولتنا ريعية مستهلكة جعلت العقول الأكاديمية تنتهي في مقبرة الرسائل والأطاريح، بسبب سوء النظام التعليمي وتحويل الاستاذ والمثقف إلى موظف يلاحق الراتب الشهري وغير قادر على انتاج الافكار ونقد الدولة».

هذا وأثارت المحاضرة مداخلات قدمها العديد من الحاضرين وعقب عليها د. عدنان المسعودي بصورة ضافية.