الحضور الكريم

الرفيقات والرفاق الأعزاء

يسعدني بأسم قيادة  حزبنا الشيوعي العراقي ، أن أحييكم أجمل تحية وأن أشكر حضوركم التضامني هذا معنا، ونحن نحيّي الذكرى الحادية والستين لإستشهاد الرفيق الإسطورة حسين أحمد الموسوي (سلام عادل) ومجموعة من رفاقه، على يد الطغاة الفاشست، في عام  1963.

يقول العراقيون الذين عايشوا الشهيد سلام عادل بأنه كان يحب أن يردد دوماً إنشودة:

يالرايح للحزب خذني     وبنـــار المـــــــعركة ذبـني

برگبتي دين أريد أوفي      على اعوام المضت مني

ويبدو أن هذا الإعجاب بالإنشودة كان تجسيداً لتلك الحياة الثرة التي عاشها الشهيد، فلم يترك اية فرصة، سواءً كانت سانحة أم وفرها هو بطاقاته الفريدة، الاّ وإستثمرها في خدمة الحزب وقضيته الوطنية والطبقية، في إعادة الوحدة لصفوفه، على أساس من الإنضباط الواعي والتضامن والوفاء الرفاقي، في توسيع جماهيريته عبر العمل بين صفوف الناس وخدمتهم وتبصيرهم بحقوقهم وتبوء مواقع طليعية في مواكب نضالهم لتحقيقها، في قراءة الواقع ورسم استراتيجية الحزب وتكتيكاته، بشكل يحقق التقدم على طريق اهدافه في وطن حر وشعب سعيد.

كما كان تحدي نيران المعركة تجسيداً لإدراك تام بالمخاطر والعذابات التي يسببها هذا الإختيار العذب، واستعداداً متميزاً لتحمل كل المحن، وهو ما سجله له تاريخ العراق المعاصر، من مواجهة بطولية للسجن والتعذيب والنفي ومصاعب العمل السري وللابتعاد  عن الأهل والصحب ، والفقر وأخيراً في الملحمة البطولية ومأثرة الصمود المدهشة، بعد اعتقاله في شباط الأسود، حين عجز الجلادون  عن قهر فتى، نحيل كحمامة وصلد كالنسور.

وأوفى سلام عادل في كل دقيقة من دقائق حياته بدَيْن الحزب، الذي هو عهد يقطعه الشيوعي مع الوطن والشعب والكادحين يوم يُمنح شرف العضوية، بأن يصون لقب الشيوعي، وأن يحب شعبه ووطنه ويكون في مقدمة المناضلين من اجل حريتهما وعزهما، وأن يحافظ على تقاليد شعبنا الثورية وعلى امجاده ومفاخره. وبقيت مأثرته في الوفاء المثالي لهذا الدَين درساً يتعلم منه كل الشيوعيين والوطنيين، ليس في النضال على مدار الدقائق من حياته فحسب، بل وفي جوهر هذا النضال المفعم بالشعور بالمسؤولية تجاه مصلحة الحزب والحركة الوطنية والحركة الثورية العالمية، وما حققه من نجاحات في توطيد بنيان الحزب وتحويله لطليعة يركن اليها الشعب وهو يكافح ضد الإستبداد والعنصرية والشوفينية  واضطهاد المرأة والتمييز الطبقي والطائفي والأثني، ومن اجل حرية الوطن واستقلاله. 

الحضور الكريم

الرفيقات والرفاق الأعزاء

تمر الذكرى الحادية والستون لإستشهاد الخالد سلام عادل ورفاقه الأماجد، وبلادنا تمّر في أوضاع معقدة جراء تداعيات الازمة البنيوية التي تعصف بها على مختلف الصعد، والمتجسدة في حكومات منظومة المحاصصة، المعبّرة عن مصالح البرجوازية البيروقراطية والطفيلية والمتحالفة مع الكومبرادور التجاري والمصرفي، والمتخادمة مع منظومة المحاصصة المهيمنة على مؤسسات الدولة ، ومع مصالح قوى خارجية وجماعات مسلحة، وما تنفذه من توجهات اقتصاد السوق المنفلت، التي شددت من التباين الطبقي في المجتمع ووسعت من الشرائح الاجتماعية التي تعاني  الفقر والعوز والحرمان.

وإضافة الى تفشي الفساد كنتيجة للأزمة وعامل من عوامل استمرارها، أفُتضح عجز البرلمان عن إداء مهامه في التشريع والرقابة، وغاب مبدا تكافؤ الفرص بين المواطنين لصالح الفاشلين وغير المؤهلين، ورغم الخطوات التي أقدمت عليها  الحكومة  الا انها حتى الان  لم تنفذ العديد من فقرات  برنامجها الوزاري الذي وعدت به، وخاصة في انتهاج سياسة اقتصادية ومالية بديلة لصالح دعم وتحفيز القطاعات الإنتاجية وتوفير الخدمات  الأساسية وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، ومكافحة الفساد وضبط الوضع الأمني وامتلاك القرار السيادي للعنف وحصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الدستورية.

كما  تتزايد مساعي القوى المتنفذة لقضم الحقوق والحريات وفرض القيود على حرية الراي والتعبير، وتنميط حياة المواطنين وإشاعة أجواء من الخوف والتوجس، ومصادرة التنوع الفكري والسياسي والقومي والديني في المجتمع، وتشجيع النعرات الطائفية والشوفينية، واستهداف المرأة وحقوقها الأساسية.

وشهدت بلادنا مؤخراً خروقات متتالية لسيادتها وأمنها وتهديداً لحياة وسلامة مواطنيها. وإذ يدين حزبنا هذه الاعتداءات بقوة، يشدد على المسؤولية الدستورية للحكومة عن حفظ سيادة الوطن وأمنه وسلامته واتخاذ كل الاجراءات السياسية والدبلوماسية، داخلياً ودولياً لإنجاز ذلك.

كما يعتبر حزبنا انهاء وجود كل القوات الأجنبية على الأراضي العراقية مهمة وطنية ومن مقومات تعزيز السيادة الوطنية، ومن الواجب العمل على توفير المتطلبات السياسية والقدرات العسكرية والأمنية الضرورية لتمكين العراق من إنجازها بأسرع وقت. ويرى فيها مهمة ينبغي أن تنهض بها الحكومة العراقية حصرا وأن تقترن بالعمل من أجل تحقيق أوسع توافق سياسي وشعبي داعم لمثل هذا الموقف.

الحضور الكريم

الرفيقات والرفاق الأعزاء

ويرى حزبنا ان فرض إرادة الشعب مرهون بتحرك جاد ودؤوب من قوى شعبنا الخيّرة كافة، التي يهمها انقاذ الوطن مما هو فيه، والعمل على تعزيز العمل  الوطني والديمقراطي، وبلورة معارضة  مدنية - ديمقراطية  وشعبية واسعة  لمنهج الحكم الحالي، ولمنظومة المحاصصة والفساد، ولفتح الآفاق للسير على طريق التغيير الشامل وبناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية، عبر النضال المتعدد الاشكال  وتفعيل الحراك الاحتجاجي والجماهيري والمطلبي، ومواصلة الضغط الشعبي لتهيئة ظروف ومستلزمات التغيير، وفي مقدمتها تعديل موازين القوى لصالح الشعب، والضغط على الحكومة للإيفاء بوعودها التي أطلقتها في البرنامج الحكومي، وحل أزمة صرف الدولار والإرتفاع الجنوني في الإسعار، وتوجيه الموارد المالية نحو إيجاد ركائز دائمة للتنمية المستدامة، والتقليل التدريجي من الاعتماد على الريع النفطي، وتنمية القطاعات الإنتاجية لاسيما الزراعية والصناعية، إضافة الى دعم كل الجهود لمنع عودة الإرهاب ومحاولات تأجيج النعرات الطائفية، وتوظيفها في الصراع والمنافسة السياسيين.

المجد كل المجد للشهيد سلام  عادل ورفاقه

والخزي والعار لقتلتهم من الفاشيين

لنرفع أصواتنا ثانية من اجل إنصاف هؤلاء الشهداء الخالدين وعوائلهم.

لنطلق أسماء الشهداء على الشوارع والساحات العامة والحدائق  لندخل نصوصاً في المناهج المدرسية وفي برامج الاعلام،  تتعلق بالانقلاب وتوضح حقيقته وطبيعته، لتعرف الأجيال الشابة تاريخ بلدها، وتستلهم ممن قاوموا الفاشية دروس الوطنية، وتتشرب بقيم الديمقراطية والعدالة والسلام.