اخر الاخبار

نعود اليوم ، للمرة الرابعة عشرة ، الى الاحتفال الثقافي التي نعتز باقامته في مثل هذا الموسم من كل سنة ، ونحن نحيي ذكرى تأسيس حزبنا الشيوعي العراقي ،  ونحتفي فيه بفننا التشكيلي العراقي ، وبمبدعينا في ميادين الرسم والنحت والخزف والغرافيك وبقية الصنوف التشكيلية ، ونوفّي بعض ما في رقابنا لهم من عناية واجبة وعرفان وتكريم.

نعود الى هذه القاعة الرحبة الفسيحة ، لنجد أنفسنا مجددا ، ونحن نجتاز عتبتها بعد قليل ، في البستان المزهرة للابداع الفني العراقي ، وتجلياته المتنوعة بجمالاتها الآسرة ، ولنطلق العنان لحواسنا تغرق في فيض التكوينات الجميلة بألوانها وخطوطها وأشكالها ، محمولة على 53   لوحة فنية ، و18 عملا نحتيا ، وأعمالا خزفية عديدة ، أبدعها  ما يربو على 50 من فناناتنا وفنانينا التشكيليين ، من بغداد والمحافظات الاخرى. بل حتى من بعض مبدعينا التشكيليين العراقيين في الخارج ، الذين نعرض اضطرارا نماذج مصورة لبعض اعمالهم ، بعدما تعذر نقل نسخها الاصلية.

ونحن إذ نتوجه هنا بالتحية اليهم جميعا ، ونعبر عن الامتنان لهم على استجابتهم الكريمة لدعوتنا ومشاركتهم في المعرض ، نرى واجبا ان نسلط شيئا من الضوء على الظروف الصعبة حقا ، التي يحيون فيها ويعيشون ويعملون. ويقينا ان كثيرين منكم يتذكرون اننا ،  ونحن نفتتح دورات سابقة لمعرضنا التشكيلي هذا ، أشرنا الى اضطرار فنانين كثيرين لهجرة نشاطهم الفني تماما ، وامتهان اعمال اخرى لا صلة لها بالفن والابداع الفني ، من أجل ان يوفروا لأسرهم ولأنفسهم أسباب العيش والبقاء.

ايها الاعزاء

لقد شهد الطلب والاقبال على الأعمال التشكيلية تغيّرا كبيرا في السنوات والعقود الاخيرة. فقاعات العرض صارت تُعدّ على الاصابع بعدما اختفى الكثير منها، والتخصيصات المالية لشراء الاعمال الفنية اختفت هي الاخرى من الميزانيات السنوية. ذلك ان الدولة اليوم ومؤسساتها الرسمية لا تولي أيّ اهتمام للفنون التشكيلية ، ولا لأية فنون اخرى ، بل ولا للثقافة كلها.

انما ، والحق يقال ، شهدت السنتان الماضيتان بعض الرعاية من طرف مكتب رئيس مجلس الوزراء ، ببعض القطاعات الثقافية ، خاصة قطاع الادب وقطاع الدراما التلفزيونية وقطاع السينما. لكن الفنون التشكيلية والمسرح والموسيقى والقطاعات الفنية الاخرى ، لم تحظَ للأسف بنصيب!

غير ان منح مكتب رئيس الوزراء ، مهما كانت سخيةً ، وحتى لو امتدت لتشمل جميع حقول النشاط والابداع الثقافيين ، تعجز عن تأمين العلاج المطلوب للمعضلات الجمّة ، التي تكبّل اليوم حركة الثقافة والمثقفين في ميادين الابداع والنشاط كافة.

فماذا مثلا عن البنى التحتية للثقافة ، الشائخة والمتهالكة ، من مسارح ومكتبات وقاعات عرض وغيرها ، ومتى يتم تجديدها وإنشاء المزيد والحديث منها؟ وماذا عن الصناديق الثقافية ، التي بُحّت اصوات المطالبين بتأسيسها ، من الفنانين المبدعين ومن اصحاب المشاريع الفنية والادبية والبحثية المتنوعة؟

من جانب آخر ، ماذا لو احتل كرسي رئاسة الوزراء، بديلٌ للرئيس الحالي، ممن ينفرون من الثقافة جملة وتفصيلا ؟ هل نتوقع ان يواصل بديل كهذا ، ما قدمه الرئيس الحالي ويقدمه من دعم للثقافة ، على محدوديته وجزئيته؟

لهذا اكدنا دائما ، ان لا أفق حقيقيا للثقافة والفنون ، من غير تخصيص نسبة محددة ، مجزية ، من نفقات الميزانية السنوية للدولة ، لهما ولتنميتهما والنهوض بهما. الى جانب وضع استراتيجية وطنية مدروسة للتنمية والنهضة الثقافيتين.

ولكن مع وجود منظومة المحاصصة والفساد الحاكمة القائمة ، لن يكون  بالامكان تحقيق ما يصبو اليه الـ 80 بالمئة ، من بنات وأبناء شعبنا الذين قاطعوا الانتخابات السابقة. لن ولن يتحقق ذلك ما لم نباشر تغيير هذه المنظومة ، والانتقال مع شعبنا ووطننا الى نظام المواطنة والديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية.

وان امامنا شهورا فقط ، للإقدام على ذلك في الانتخابات القريبة لمجلس النواب ..

 فلنغتنمْ الفرصة ونباشر هذا التغيير! لنتوجه جميعا نحو خوضها مع عائلاتنا واصدقائنا ومعارفنا ، ونمنحْ اصواتنا لمن يستحقونها من المدنيين الديمقراطيين والوطنين المخلصين ، الذين اثبتوا ولاءهم للشعب والوطن لا لغيرهما ، ودللوا وبرهنوا تكرارا على استقامتهم ونزاهتهم وعفّتهم.

وكونوا على ثقة من اننا اذا لم نبدأ عملية التغيير في انتخابات هذا العام ، فسنبقى في افتتاح معرضنا السنة المقبلة ، والسنوات التي تعقبها ، ندور وندور في الحلقة نفسها ، من دون طائل.

فلنحزم أمرنا اذن هذه المرة ، لكي نعود في السنة القادمة وما يليها، بمعارض مختلفة ، أجمل وأغنى ، وبحفلات افتتاح مغايرة ، اكثر بهجة وأملا وتفاؤلا.

ــــــــــــــــــــــ

*القاها الرفيق مفيد الجزائري