اخر الاخبار

أثارت مصادقة مجلس النواب في عام 2013 على اتفاقية خور عبد الله التي وقعتها الحكومة العراقية حينئذ مع دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله تساؤلات مشروعة إزاء طريقة تعامل الحكومات المتعاقبة مع ملف سيادي حساس يمسّ جوهر مصالح العراق البحرية وحدوده الجغرافية، ويهدد منفذه الوحيد نحو المياه الدولية، وما شابها من مؤشرات تواطؤ وفساد. ويرافق تلك التساؤلات، غضبٌ شعبي واسع، يتردد صداه في كل مدن العراق.

لقد جرى ترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت في أعقاب حرب الخليج الثانية، استنادا إلى قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 833 الصادر عام 1993، والذي كما قلنا ألحق غبنا بالعراق، وتضمن تفريطا بحقوقه السيادية. وصدر هذا القرار في ظل نظام دكتاتوري حُرم فيه الشعب العراقي من التعبير عن إرادته الوطنية الحرة، نظام ضعيف ومعزول دوليا بعد هزيمته في حرب تحرير الكويت. ورغم مرور السنين، ما زالت آثار تلك القرارات والاتفاقيات تطارد العراق، ويُعاد توظيفها في سياقات تضرّ بمصالحه وتحد من حركته البحرية.

ومن هذا المنطلق، نؤكد أن خور عبد الله ليس قضية فنية أو حدودية فحسب، بل هو شريان استراتيجي يرتبط بأمن العراق البحري والاقتصادي، وأن أي محاولة لتكريس واقع يقيّد حرية العراق في هذا الممر الحيوي يُعدّ مساسًا مباشرًا بالسيادة الوطنية.

وإن أي تفريط فيه تحت ذريعة «الالتزام بالقرارات الدولية» من دون العمل الجدي والنشيط للحكومة العراقية لحشد تأييد عربي ودولي من أجل مراجعة تلك القرارات وظروفها، يُعد تنازلًا غير مبرر عن حقوق العراق في المياه والموانئ.

إن القرارات الدولية، مهما كانت مرجعيتها، ليست فوق إرادة الشعوب ولا ثابتة خارج سياق الزمن. ولذا، فإن إعادة تقييم تلك القرارات، والنظر في ظروف صدورها، والمتغيرات التي طرأت بعد سقوط النظام السابق، تمثل خطوة ضرورية لضمان العدالة والإنصاف، في إطار علاقات متوازنة تحمي مصالح الطرفين.

وفي الوقت نفسه، نجدد حرصنا على إقامة علاقات مستقرة وبنّاءة مع دولة الكويت الشقيقة، تقوم على مبادئ حسن الجوار، والمصالح المشتركة، والاحترام المتبادل بين الشعبين. وقد عبرنا دائماً عن موقفنا الداعم لأية تفاهمات تحقق الأمن والاستقرار للبلدين، شريطة ألّا تُبنى على حساب حقوق العراق أو تُستغل ظروفه السياسية أو الأمنية.

وفي هذا السياق، ندعو إلى موقف وطني عراقي موحّد، يتجاوز الحسابات السياسية الضيقة والصراعات الآنية بين القوى، وينطلق من المصلحة العليا للعراق، وسيادته، وحقوقه غير القابلة للتصرف.

لذا ندعو إلى أن يسارع العراق بالتحرك سياسيا ودبلوماسيا على المستويين الإقليمي والدولي، وعلى الصعيد القانوني لحماية حقوق العراق في عملية ترسيم الحدود وتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله، وتثبيت سيادته على ممراته المائية، ومخاطبة الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة بلغة وطنية صريحة، تعيد تصحيح مسار الملفات المجحفة.

إنّ الصمت وغياب الشفافية في التعامل مع هذه القضية، وتجاهل مشاعر الغضب الشعبي المتزايد، لن يؤدي إلا إلى مزيدٍ من فقدان الثقة، وتوسيع فجوة الانقسام بين السلطة والشعب.

 

اللجنة المركزية

للحزب الشيوعي العراقي

26 تموز 2025