وعد القائمون على اعداد ورقة الحكومة لاصلاح الاقتصاد “البيضاء”، بتحقيق اصلاحات اقتصادية استراتيجية، وتوفير فرص عمل مستدامة، من خلال تبني إجراءات لمعالجة مشكلة البطالة في البلاد. لكن لم يلحظ العاطلون عن العمل، برغم مرور اكثر من نصف عام على البدء في تطبيق هذه الورقة، أية بوادر لتوفير فرص العمل.

في حين يشير عدد من المعنيين في الشأن الاقتصادي، الى محاولة الحكومة حصر بعض المشاريع المتوسطة بأصحاب رؤوس الأموال، والتضييق على الطبقات الهشّة، خلافا لوعودها بمراعاة ظروف هذه الطبقات الاجتماعية.

هدف الورقة

يقول المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء علاء عبد الحسين: ان الهدف الأساسي هو خلق المزيد من فرص العمل، مبينا ان “الورقة البيضاء التي نفذتها الحكومة للإصلاح الاقتصادي تكونت من جزأين رئيسيين: الأول، رؤية شاملة للواقع الاقتصادي الذي يمر به البلد والأهداف المرجو تحقيقها. فيما تضمن الجزء الثاني قسمين: الأول، آليات وحوكمة تنفيذ مشاريع الورقة. واهتم الثاني بالمشاريع الخاصة بالتنفيذ.

ويضيف المستشار، انه وبعد ستة أشهر على البدء في تطبيق الورقة (1 آب 2021)، بلغت النسبة الكلية لتقييم مستهدفات مشاريع الورقة البيضاء ـ وليس نسبة الانجازـ 61 في المائة، مبينا ان “السماح بدخول السيارات المتضررة لتصليحها في العراق، وهو ما كان ممنوعاً سابقاً، زاد عدد الحرفيين ووفر فرص عمل، وهو من الأهداف المتحققة”.

ويُشير المستشار إلى أن “الهدف الأساسي من الورقة البيضاء هو إصلاح مالية الدولة والإجراءات المالية والاقتصادية فيها، عبر وزاراتها المختلفة، مما يؤدي الى تطوير الاقتصاد، وجعله اقتصاداً خالقاً للوظائف ويساهم في حل أزمة البطالة، ويوفر دخولاً اضافية”.

فشل كبير

من جانبه، أشار الباحث في الشأن الاقتصادي احمد محمد، الى الفشل الذريع الذي منّيت به جهود توفير فرص العمل للعاطلين. وقال محمد لـ”طريق الشعب”، ان “الورقة البيضاء وعدت بتوفير فرص عمل في القطاع الخاص من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وخلق بيئة تشجع عليها، وتسهيل متطلبات انشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومساعدة خريجي الجامعات على إنشائها، وتحسين ضمانات القروض من المصارف، وتأهيل مراكز التدريب، واستخدام المساحات المدعومة من قبل الجهات الحكومية في هذه الأنشطة، وتعديل قانون الاستثمار والقوانين المشجعة على ذلك”.

وأكد ان “الحكومة فشلت في انجاز أي من هذه القضايا، ما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة”.

ويضيف ان “الورقة البيضاء هي نهج اقتصادي وسياسي وُضع من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين دون دراسة للواقع العراقي، وهو محاولة لجر الاقتصاد العراقي نحو سياسات نيوليبرالية ستتسبب في تفاقم الازمة”، مبينا ان “الكثير من دول العالم اعتمدت على الوصفات الدولية الجاهزة وكان مصيرها الإفلاس والانهيار الاقتصادي”.

ونوّه الى ان “نسب البطالة في العراق مفزعة جدا، وتقترب من 40 في المائة من اجمالي عدد القادرين على العمل”.  ودعا الباحث الى “معالجة الموضوع من خلال انشاء المعامل والمصانع ومكافحة الفساد ودعم المشاريع الصغيرة”، محذرا من ان “تجاهل الموضوع سيفاقم الازمة ويعصف بمستقبل النظام السياسي بشكل كامل”.

الطبقات الهشة

وكانت المبادرة بتحويل العراق الى اقتصاد رقمي يتسم بالمرونة والشمولية، قد أكدت على إجراء إصلاحات اقتصادية واعتماد أولويات إنمائية طويلة المدى تشمل الوصول إلى خدمات الانترنت عالي السرعة بأسعار معقولة، وتحقيق اعتماد واسع النطاق للمدفوعات غير النقدية، وتقديم الخدمات الحكومية الرقمية، وتحسين الوصول الى البيانات عبر إدخال التكنولوجيا المتطورة.

ويعلق المهندس في مجال الاتصالات فخر الدين التميمي، على هذا الموضوع بقوله إن “دخول تقنية الجيل الرابع والالياف الضوئية جاء بشكل متأخر، وهو تحصيل حاصل للتطور العالمي في هذا المجال، ومع ذلك لا يزال العراقيون يعانون من مشكلة ضعف سرعة الانترنيت وتذبذب الخدمة، ما أثر بشكل ما على موضوع العمل من خلال الانترنيت”.

ويضيف التميمي، ان “الحكومة واثناء محاولاتها معالجة موضوع أبراج الانترنيت المنتشرة بشكل عشوائي، قامت بتسليم الانترنيت الى الشركات الكبيرة، التي ابتلعت الشركات الصغيرة والمتوسطة، وفرضت شروطاً قاسية على موصلي الخدمة للمنازل”.

ويحذر من ان “الفترة القادمة ستشهد فقدان الاف العاملين في مجال الانترنيت فرص عملهم. فيما ستذهب اموال المشتركين الى جيوب الشركات الكبيرة”.