اخر الاخبار

 كيف لشعبٍ أن يعيشَ في سعادةٍ وهناء إذا استباحته الامراض والأوبئةُ، وانعدمت أو قلّت العلاجاتُ والأدوية؟!

سؤال يتبادر الى ذهن كل منا حين يسمع بشحة الأدوية في مؤسساتنا الصحية، واضطرار المريض الى شرائها من الصيدليات بأسعار باهضة، أو شرائها من البلدان المجاورة.

أتذكر في أوائل سبعينات القرن الماضي، كان في قريتنا جنوب الفاو مستوصفٌ صحيٌّ ، فيه طبيبٌ وممرضةٌ وصيدلانيٌّ ومضمّدٌ فقط. كانوا يقومون بواجبهم على أحسن ما يكون، وفي الحالاتِ الصعبةِ والمستعصيةِ يُحالُ المريضُ إلى مستشفى الفاو، وفي كل شهرٍ تأتي سيّارة السينما المتنقّلة لتعرض أفلاماً وثائقيةً عن الأوبئة والأمراض وكيفية علاجها والوقاية منها. كان  الناس يتجمعون في باحة المستوصف مساءً، ليبدأ عرض الفيلم على شاشة من القماش تُعلّق قريباً من السيّارة. حينها ترانا منشدّين إلى ما يُعرض من أفلام عن الكوليرا والطاعون والجدري والبلهارسيا والتدرّن وأمراض البرد وضربة الشمس وغيرها، وكيفية الوقاية منها، وتأتي بين آونةٍ وأخرى سيّارة الأشعة المتنقّلة لفحص الناس وتشخيص المصابين بالتدرّن او الأمراض الصدرية الاخرى، وبعده البدء ببرنامج علاجهم !

اتذكّر تلك الأيام وأنا أقرأ وأسمع وأعيش ما يحدث اليوم من إهمال وانعدام أدوية وعلاجات في مستشفياتنا، ومن عدم مبالاة في تعامل الأطباء والممرضين مع المرضى، حيث يتركون المريض يراجع مرّات ومرات دون جدوى، وكلّ واحد من هؤلاء الاطبّاء يقدم تشخيصاً مغايراً لما سبقه، وهات يا أدوية ويا فحوص غالية الثمن!

كما إنّ بعض الأطباء يأتون بتشخيص غير دقيق ويثقلون كاهل المريض بانواع الأدوية التي يفرضون عليه شراءها من صيدليةٍ خاصة جداً وبأسعار عالية، وحين لا تتحسن حالته يراجع طبيباً آخر وتعود الكرّة من جديد بتشخيص آخر وأدوية أخرى وخسارة تلو خسارة، عبثا ودون تحسّن !

الطبُّ مهنةٌ إنسانيةٌ مقدّسة وُهِبَت للبعض كي يخدموا البشرية، والمنتظر من الأطباء  ان يكونوا سبباً في إنقاذ الناس من الامراض، لا أن يكونوا مصدرَ قلقٍ وكراهيةٍ للحياة !

علينا أن نفكّر ونعمل جديّاً وبضميرٍ حيّ، مليءٍ على توفير البيئة الصحية الملائمة والعلاجات والأدوية ومستلزمات الفحص والتشخيص، بعيداً عن الفساد والمحاصصة الطائفية التي لعبت بالبلاد والعباد. فالصحّةَ ركنٌ أساسيٌّ في رضا الشعوب وتطوّرها، وفي تأكيد حرية الأوطان!

عرض مقالات: