اخر الاخبار

في كلّ مرّة وقبل انتهاء السنة ودخول السنة الجديدة، أجلس وحدي أقلّب دفتر ملاحظاتي خلال العام الذي مرّ، علّني أجد ما يسرّني، أمنية كنت قد دونتها ذات يوم وتحققت، حقيقةً لم أجد سوى آهاتٍ وأحزان وأمانٍ ليس لها حدّ لكنّها سراب في سراب، فقط الأمل وبريقه دائما! أسرح حيث طفولتي وكيف كنتُ أمنّي النفس بأحلام وأمنيات كبيرة أرسمها على الورق، أقلّبها ذات اليمين وذات الشمال وأغنّي! كم من الأمنيات كنّا نكتبها ونقولها ونجيب معلمنا حين يسألنا، ما هي أمنيتك في العام الجديد؟! أتذكّر إنني كنت دائما أجيبه، أن أنجح وأحصل على درجات عالية، وكنت احقّقها بجدّي واجتهادي!

قبل عام 2003، كنّا نمنّي النفس بالحريّة والسعادة وزوال الغمّة، التي جثمت على صدر البلاد والعباد، وكانت من بين أمنياتي أن أحصل على بيت يؤويني وعائلتي، لأتخلص من غائلة الإيجارات وهمومها وقلقها وهواجسها، التي لم تبرحني لحظة ــ طبعا لست الوحيد بل هي أمنية أغلبية الشعب ــ انقشعت الغمّة وزالت الدكتاتورية الفاشيّة بكل مالها وما عليها، لكن هل تحققت أمنيتنا، التي حق من حقوق المواطنة، وامنية بسيطة جداً قياساً إلى المساحات الشاسعة من الصحاري والأراضي القفر؟! بالتأكيد لا!

والدليل لحد هذه اللحظة أنا والآخرون نعاني من هموم الإيجارات و( يومية بمكان) وكأننا لم ننتمِ لهذا الوطن أبداً، ولم نحمله نبضاً بين ضلوعنا وعشقاً أبديا! لهذا في كل عام أجلس، أقلّب دفتر الأمنيات، لأجد نفسي لا أملك أمنية واحدة أبداً، لأن كل الأماني التي حلمتُ بها ذات يوم تبددت و أصبحت سرابا.

رُبَّ سائل يقول: كم أنت قانط ويائس؟!

فأجيبه: لا أبداً، أنا جداً متفائل وأحمل أملاً كبيراً، لكن كلّما أبصر الفساد المستشري في كل مفصل من مفاصل البلاد أصاب بالإحباط، ومع ذلك أدوس على إحباطي وأقول:- 

لا بدّ أن يأتي اليوم الذي يكنس فيه الخيّرون الفاسدين ويرمونهم في شرّ أعمالهم ليتخلّص الناس والوطن من الذين ماتت ضمائرهم،سارقي وناهبي المال والأرض، ممن يبنون القصور والعمارات و يملأون البنوك بالمال السحت، دون أن يحاسبهم القانون أبداً، يا للسخرية المريرة!

للعراقيين أمنية وحيدة فقط، وأنا على يقين تام إنها تراود مخيلة ونفوس الجميع ألا وهي، أن يخلو الوطن من الفساد والفاسدين ويسود العدل والحقّ ويعمّ السلام والأمان والخير وتشيع المحبّة في قلوب الجميع .

كل عام وأمنيتي مازالت تشاكسني وتقضّ مضجعي، فامتلاك شبرٍ وسقف بيتٍ هي كل ما نتمناه نحن المستأجرون في هذا الوطن!

عرض مقالات: