اخر الاخبار

لن نسمح لنمر الزمن أن يفترسنا بشراسته المعهودة، إذ مازلنا نردد على الدوام بأننا محكومون بالأمل. نعلم أن العام المقبل سيختلف لا محالة عن هذا العام وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، فلا يمكن أن يتشابه نزول النهر لمرتين، لأن مياهه قد جرت وستجري بالجديد، الذي سيخلف طمى رخواً بضاً يمكن أن يصوغ تجاربنا القادمة.

سنستقبل الشمس بحفاوة شبابيك مشرعة، وبأفكار شجاعة لا تهاب المخاطرة، وكما يذكر نلسون مانديلا “نسامح لكن لن ننسى”!

كم بليغ هذا القول، يلكزنا لمراجعة حساباتنا في كشوفات ساطعة، لكل ما مر في مرايا ذاكرتنا المكسَّرة، قد نجفل لمرارتها وتعتصر قلوبنا غصّات فقدان، وخسائر لا حصر لها. لكن، وبحسب الروائي سنان أنطوان، إذ يذكر “ أحيانا عليك أن تفعل ما تفعله لكن المهم أن تعود إلى السرج وتمسك اللجام من جديد.. هناك أشياء لا يمكن القبول بها، وهناك ذكريات يجب أن تبقى حية.. لا تسقط في شراك الحنين فالذاكرة ليست أداة لاستكشاف الماضي إنما هي حيز للمدن المدفونة مثل الأرض، تُقلب وتُحفر ويستحضر ما فيها”.

ويكتب الروائي الكبير غائب طعمة فرمان “ نشاهد الغبار يرقص في الضوء.. لا أحد يعلم أي موسيقى تَسمع ذرّات الغبار”، وهنا استعيد رؤيته هذه وأفكر بأننا نرى ونعيش حركة الأشياء والأحداث لكن لا نعلم ما الذي يختبئ وراءها، ربما يكون الجمال بحد ذاته نعمة أو صلاة دون أن نسعى في البحث عنه، أو قد نعيشه ولا نشعر به ممعنين بالإنصات لدراما تنسجها الأيام حولنا، تتجعد أحيانا أمامنا كورقة مهملة، نقف عندها عاجزين حتى عن الابتسام.

ويقال إن ثمار عمر من بلغ السبعين غير حامضية، كثمار من بلغ الثلاثين، وتصبح أشبه بالنفايات بعد عمر الستين.. ورغم تشاؤمية هذا القول، لكني أندهش تماما عند متابعتي لفديوهات عجائز نساء ورجال يتراقصون بخفة وطرب، على وقع أنغام التانغو وإن تجاوزوا التسعين !، كما أتوقف طويلا عند تجارب كتاب وأدباء نضجت تجاربهم الأدبية بعد سن الثمانين.

كم أتمنى أن يستخلص العلماء والباحثون جرعات مضادة لخيبات الأمل بدل براعتهم في تطوير أسلحة الدمار الشامل وتفننهم في ألاعيب تفني البشر وتقضي على الزرع والضرع.

أما أمنيات العام الجديد فهي السلام والأمان لكل بقاع الأرض، لفلسطين ولأوكرانيا ولكل المناطق الملتهبة، مع بساطة من يود الضحك من كل قلبه دون قلق وفقدان، والسير على الأعشاب مغمض العينين، مع دفء رفقة حنان الأهل والأحبة في عراق آمن مستقر.

  أخيرا قرأت قولا رائعا لجان بول سارتر يذكر “حين يهيلون على قبري التراب، أنثر فوقه فتات خبز، فتتهافت عليه العصافير، فأسمع صوتها، ولا أشعر بأني وحيد”.

عرض مقالات: