اخر الاخبار

وأنا اقرأ ما تنشره الصحف ووكالات الأنباء عن نسبة البطالة في بلدنا التي وصلت الى 35 بالمائة، وصعود معدلات الفقر الى 29٫6 بالمائة أي شموله ما يقارب 12٫200 مليون مواطن، في بلد يعتبر الثالث في احتياطي النفط وايراداته التي تقرب من 10 مليارات دولار شهرياً، أصاب بحالة من الكآبة والقنوط !

 تظلّ كلمة البطالة ترنّ في أذني مثل طٓرقات (جاكوج) تحطّم كل صفائي وتأملاتي ، لأعود وأسأل: لماذا ؟ ألا يوجد عمل لهؤلاء العاطلين؟ فيأتيني الجواب أكثر قوّة من تلك الطرقات: وأين هو العمل ؟ كأن الحياة غادرت أرضنا، وصار العوز والقهر والبطالة ونزيف الدم هو المتحرّك الفعلي في كل مكان!

اتذكّر حينما أخفق أخي الكبير في دراسته سيق إلى الجيش، وبعد تأديته الخدمة العسكرية تم تعيينه في شركة الموانئ التي كان اسمها مؤسسة الموانئ العراقية، ليبدأ رحلة عملٍ لم تنقطع إلا بإحالته على التقاعد. بمعنى انه لم يكن عاطلاً بل قدّم خدمة لوطنه من خلال عمله اليومي في الموانئ، وغيره الكثير من الشباب الذين أصبحوا الآن كهولاً، منهم مَن غادر دنيانا ومنهم ما زال يعمل. كلهم لم يكونوا عاطلين أبداً. هناك العمّال والموظفون الذين قدّموا ويقدّمون الشيء الكثير والخدمة الجليلة لناسهم وأرضهم ولعوائلهم أيضاً.

لكننا ومنذ تسعينات القرن الماضي لم نسمع عن توظيف عمّال أو موظفين هنا وهناك إلا بشق الأنفس أو عن طريق (الواسطة). المصانع أكثرها متوقّف عن العمل ما أدى إلى ركود الصناعة، كذلك المشاريع الزراعية لم تؤدِ دورها المطلوب، لنصبح مستوردين ومستهلكين لكل ما يُنتج زراعياً وصناعياً في دول الجوار وغيرها!

وبالتالي ازدادت نسب البطالة، واكثر ضحاياها اليوم من خريجي المعاهد والكليّات الذين اصبحوا عبئا على اهاليهم من ناحية تكاليف الصرف اليومي، كما ازداد عدد الفقراء وما نشاهد من متسولين رغم عدم قناعتنا ببعضهم - اقصد المتسولين – بجانب ارتفاع نسبة الطلاق التي بعضها بسبب الفقر والبطالة وتزايد المشاكل الاسرية.

البطالة والفقر يؤديان في بعض الأحيان الى انحراف الشخص ليصير عبئاً ثقيلاً على المجتمع، وهذه إحدى المشاكل التي نواجهها دائما، لهذا علينا ان نفتح افاقاً جديدة ونوافذ للعمل وتقليل نسبة البطالة والفقر قدر الإمكان، كي ننقذ الناس والوطن لا ان نظلّ نتأرجح في بندول الصراعات والمحاصصة على المكاسب الفئوية والشخصية، متناسين ان بلدنا من أغنى البلدان وان علينا ان نجعل شعبنا أيضا من أغنى الشعوب.

عرض مقالات: