اخر الاخبار

حين أبصر ذوي الشهادات الجامعية متكدسين على الأرصفة يبحثون عن فرصة عمل، بعد جهد جهيد قدّموه ليحصلوا على شهاداتهم وفي اختصاصات شتى، تنتابني حالة من الألم والقنوط وتصيبني الحيرة، لأظلّ في دوّامة الحسرات باحثاً عن كوّة أمل!

إذ أن الشابَّ ومنذ لحظة دخوله الأولى من باب المدرسة يُمنّي النفسَ بمستقبلٍ باهرٍ وشهادةٍ جامعيةٍ يستفيد منها في حياته !

يرسم شخصيته على وفق الشهادة التي يتمناها، ليعمل بها بصقل موهبته بالدربة والمران والقراءة ثم يعززها بالشهادة الجامعية !

قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، ذات يوم !

وقد تتحطم أحلامه عند صخرة صماء !

وقد تصادفه ظروف صعبة تقلب وجهة حياته رأساً على عقب، وقد ..!  لكن أن يدرس ويتعب موصلاً الليل بالنهار، ثم يتخرّج حاملاً شهادته الجامعية التي حلم بها، مؤطرا اياها بفرحته يوم التخرّج وهلهولة أمه وافتخار أبيه، ليعلّقها في غرفة الاستقبال دون أدنى فائدة منها، فهي الصدمة الكبرى لكل واحد منا ؟! وهذا ما حصل ويحصل الآن ومنذ أكثر من عقدين من الزمن. قبل ذلك كان يساق إلى العسكرتاريا ليزّج في حروبٍ لا معنى لها سوى الموت والدمار!

اليوم أبناؤنا الطلبة يتخرجون بالآلاف من الجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية، بلا تعيين أو عمل، ليكونوا عالة على أهلهم. والطامة الأكبر إذا كانوا متزوجين طبعاً !

 شبابٌ بعمر الورود حالمون بمستقبلٍ كبير، لكنهم صدموا بالجلوس عاطلين عن العمل، يتسكعون على الأرصفة ويقتلون الوقت في المقاهي واللعب، دون أدنى فائدة لهم ولعوائلهم ، لأنهم يواجهون عقبة كأداء، ألا وهي توقف التعيينات الحكومية. ونادراً ما يحصل احدهم على عملٍ في شركة أهلية، وحينما يتظاهرون للمطالبة بحقهم المشروع سماوياً وارضياً ومنطقياً ومهنياً، يقابلون بالردع وبكل قوّة للأسف كالماء الحار والهراوات والضرب والاعتقال وحتى القتل ، أيعقل هذا ؟

في كل دول العالم وضمن دساتيرها وخططها المالية سنوياً نجد قوائم مُعدّة وأرقام محسوبة مالياً وإدارياً وخدمياً للتعيين في دوائر الدولة ومؤسساتها التربوية والتعليمية والشركات الإنتاجية والخدمية كلا حسب اختصاصه، يتخرّج اليوم ويتعيّن غداً، لأنّه درس وتعلّم ليكون رجل المستقبل في بناء الوطن ! لهذا نجد إن جميع الأوطان تعتمد على أبنائها في تقدّمها وازدهارها، لا أن تتركهم عرضة للأهواء والحاجة واليأس والقنوط والانتحار، وكأنهم لم يحلموا ذات يوم ولم يدرسوا ويتعلّموا ويتعبوا، ليحصلوا على الشهادة المعلّقة هذه!

على كل مسؤولٍ ومَنْ يمتلك القرار ان يتوقف لحظة ويتأمّل الى اين سيصل البلد ؟ وما هكذا تُبنى الأوطان ياسادة، فالجميع يتحمّل المسؤولية الإنسانية هذه، في التفكير بمستقبل البلاد، والتخطيط الجاد لتعيين هؤلاء الخريجين وأمثالهم وتشجيع الآخرين على الجدِّ والاجتهاد،لا إهمالهم وتركهم عاطلين، وكأن شهاداتهم الجامعية فاشلة لا فائدة منها أبدا!

عرض مقالات: