اخر الاخبار

تتسم ظاهرة تزويج القاصرات في العراق بطابع التعدد في الأبعاد، بحكم أن تزويج الأطفال، بوصفه ممارسة ضارة تنال من الفتيات بالدرجة الأولى، لا يزال مُستمرا في بلادنا، رغم تحديد سِن أهْـلِيّة الزواج بـ 18 سنة، وهو ما يتفق مع تحديد سن الرشد قانونا في الدستور. وبالرغم من كل الجهود المبذولة للقضاء على هذه الظاهرة، فان هناك اجراءات تمرر لتتحول إلى قاعدة.

ويعكس الواقع تكريس هذه القاعدة بعدد عقود زواج المتعلقة بالقاصرات، المبرمة سنة 2023 والبالغة 5971 عقدا تحت مسمى «الضرورة القصوى للزواج المبكر»، كما ورد في التقرير الاحصائي الصادر عن رئاسة هيئة الإشراف القضائي لعام 2023، والخاص بمكاتب البحث الاجتماعي في محاكم الأحوال الشخصية لرئاسات محاكم الاستئناف كافة. علماً أن حجم الظاهرة يظل أكبر لكونِ الإحصائيات الرسمية لا تأخذ بعين الاعتبار حالات الزواج غَيْرِ المُوَثَّق (على غرار «زواج السيد» والزواج العرفي وغيرهما)، وهي النقطة التي تحتاج الى دراسة معمقة ربما تدخل حيز التحذير المبكر من مخاطر اكبر. أذ أن لتزويج الطفلات تأثيرا سلبيا كبيرا على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للفتيات، بوصفهنَّ نساءَ المستقبل”. بالاضافة الى التأثيرات السلبية الاخرى مثل ارتفاع مستوى الخصوبة وتكريس وضعية الفقر وتعريض الصحة الجسدية والنفسية للفتيات وأطفالِهِنَّ لمَخَاطِرَ كبيرة.

كما ان لظاهرة زواج الطفلات، أيّا كانت الضرورات القصوى التي يراها الباحث الاجتماعي، تأثيراً سلبياً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. إذ تؤدي إلى تضييق الآفاق المستقبلية للفتاة، عبر إقصائها من منظومة التربية والتعليم، ومِنْ ثَمَّ حِرمانها من فرص المشاركة الاقتصادية.

فما العمل أمام استمرار تزويج الطفلات ؟! هل ان الضرورات المزعومة تبيح المحظورات؟ وبدلاً من معالجة المشكلة والقضاء على أسبابها وجذورها، نذهب لاستحداث مسميات بديلة تغطي حجم المشكلة ومخاطرها، في وقت لا تتوفر فيه الضمانات الاجتماعية ولا الحماية الضرورية، مع غياب أدنى آليات الوقاية.

هنا علينا ان ندق (منذ الآن) جرس الانذار المبكر والإسراع في وضع حد لتزويج الأطفال بمختلف أشكاله، آخذين بنظر الاعتبار مصلحة الطفل أولاً، والتفكير باجراءات سليمة للنهوض بالتنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للبلاد.

عرض مقالات: