اخر الاخبار

عكست مجلة “كلكامش” الفصلية باللغة الإنجليزية، الصادرة عن دار المأمون للترجمة والنشر في وزارة الثقافة العراقية منذ العام 1986، واقع ثقافتنا المعاصرة من أدب وفنون وعمارة وآثار وأنشطة فنية وغيرها، مخاطبةً العقل الغربي بلغة هادئة رصينة. وهي بموادها الغنية وبعدد صفحاتها التي ناهزت المائة ، أصبحت في مقدمة المجلات المطلوبة في الجامعات المرموقة وفي ملحقياتنا الثقافية في الخارج، وفي المكتبات العالمية كمكتبة الكونغرس الأمريكية والمكتبات الوطنية في بريطانيا.

ثم أصاب المجلة ما أصاب العراق عموما وواقع ثقافتنا على وجه خاص أيام النظام الدكتاتوري، من تدهور وتراجع بأشكال ومقاييس مختلفة. فتوقفت المجلة عن الصدور أيام الحصار، وتضاءل عدد مترجميها وانحسر الرصد المالي اللازم لها.

وعاودت المجلة الصدور بعد العام 2003 بإمكانات ضئيلة، واعتمدت موادُها على ترجمة ما ينشر في الصحافة المحلية اليومية دون مراعاة مدى صلاحيتها للنشر وملاءمتها لجمهور المجلة الأجنبي، فأضرّت بقيمتها الثقافية وأصبحت ركيكة ضعيفة المضمون.

وعند تسلم السيدة إشراق عبد العال، المترجمة أصلا في دار المأمون، إدارة تحرير المجلة ، استعانت بعدد من الأكاديميين والأساتذة والكتاب من داخل العراق وخارجه، ومنهم بعض الكفاءات المنتمية إلى “منصة الأكاديميات العراقيات في العلوم الإنسانية”. وقد عملوا جميعاً متطوعين بحرص وبإحساس وطني مخلص لإعادة إصدار المجلة (على شبكة الانترنت لتعذر طباعتها ورقياً) بمستوى نوعي متميز، لما حوته من المقالات الرصينة والتقارير الثقافية وبلغة انكليزية رفيعة، تعود لكفاءة الأقلام التي شرعت تكتب للمجلة، فضلا عن مساهمة أعضاء الهيئة الاستشارية وهيئة التحرير أنفسهم بالكتابة والتأليف والترجمة للمجلة. واستثمر مثقفونا في الخارج علاقاتهم وصلاتهم الشخصية بالجامعات الأجنبية والمراكز البحثية التي يعملون فيها، لترويج المجلة. وبهذا زاد الطلب عليها وتجدد تأكيد ضرورة توفير نسخها ورقيا، وعدم الاكتفاء بنشرها على شبكة الانترنت، لغرض الاحتفاظ بها وحفظها في مكتباتهم.

وعلى الرغم من هذه الجهود لم تقدم دار المأمون للأسف الدعم المطلوب لاستمرار المجلة بهذا الإيقاع، وتوفير متطلبات إدامتها، بل وتجاهلت طلبات قدمتها هيئة التحرير بهذا الخصوص.

وبفعل هذا التجاهل والإهمال من جانب “الجهات المعنية “ في الوزارة، أصيب أعضاء الهيئة الاستشارية والتحرير بالإحباط والأسى، خصوصا بعد صدور عدد جديد من المجلة، بعيدا عنهم وعن جهودهم (بعد ان استقالوا) وبمحتوى متواضع وتراجع ملموس، يجدد الحسرة على أوجاع الجسد الثقافي العراقي، حتى يستدعي نهوض كلكامش نفسه ليصرخ مستغيثا: “انقذوني”!

عرض مقالات: