قديما قالوا: «لا تلم الذئب، بل اعتب على الشاة ضعفها». ولطالما حثّنا أهلنا على السعي لانتزاع حقوقنا وعدم التنازل عنها وهم يقولون: «الحكوك تريد حلوك»، ما يعني ان الحقوق تحتاج لأفواه تطالب بها.
واليوم نردد دائما عند مواجهة أية عقبة تعترضنا قول الشاعر أحمد شوقي، الذي صدحت به حنجرة أم كلثوم: «وما نيل المطالب بالتمني / ولكن تؤخذ الدنيا غلابا - وما استعصى على قوم منال / إذا الإقدام كان لهم ركابا».
حتى صدور هذا العدد من جريدتنا والمساعي المبذولة لتعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 88 لعام 1959 تتواصل على يد نواب في البرلمان ومجموعات تناصرهم، في مواجهة قوى المجتمع المدني الرافضة له.. ولابد هنا من الاشارة الى البعض من هذه القوى وتأشير دور المرأة العراقية المشرّف في التصدي لكل ما من شأنه تفكيك الأسرة والمجتمع، والاعتداء على الطفولة، إلى جانب مساندة المدنيين الناشطين، خصوصا في سلك المحاماة، الذين لا يتوانون عن توضيح حقيقة هذا «التعديل» وتبيان مخاطره على المجتمع ، فضلا عن ربط تأمين الاصوات اللازمة لتشريعه في البرلمان بموافقة نواب الاطار التنسيقي على تمرير قانون العفو .العام
أية مهزلة نعيش! فبعدما نهب سياسيو الصدفة أموال البلاد والعباد، ودمروا التعليم والصحة وكل ما ينفع الناس وتمس حاجتهم اليه، هاهم يسعون بكل قواهم للعدوان على حقوق الطفولة، وتشريع السماح بتزويج بنات التسع سنوات من الطفلات، اعتمادا على قواعد شرعية لا يُطبق أغلبها بفضل تطور المجتمعات، مثل قطع يد السارق وجلد الزاني وغيرها.
ويجدر القاء الضوء على دور المرأة تحديدا في هذه القضية.
فمن جهة اتبعت بعض البرلمانيات رأي الأحزاب المتشددة طائفيا، اللاتي يمثلنها. ويحضر هنا ما نقلته برلمانية كردية سابقة عن نائبة تمثل حزبا دينيا متشددا تصدت لها بالقول: «لاعليك، اتبعي راعي خبزتك»! فقد استغربت البرلمانية الكردية ايراد مفردة الخبز في موضوع الدفاع عن حقوق المرأة، لتفهم لاحقا ان زميلتها النائبة انما نصحتها باتباع رأي من يرعى مصالحها المادية، وخبزتها حصرا!
ومن جهة أخرى شهد البرلمان أخيرا ولادة تكتل يضم برلمانيات من مختلف الأحزاب، يسعى للوقوف بوجه التعديل المقترح، وتبيان إشكالية الظروف التي احاطت بادراجه في جدول اعمال جلسة البرلمان.
ان للمجتمع المدني وقفات مشهودة تنديدا بالتعديل ورفضا له، وسعيا الى تشكيل تحالفات للدفاع عن القانون مثل تحالف 188، بجانب الدعوة لتنظيم مسيرات احتجاج ضد التعديل.
ويبقى النقاش والصراع محتدمين متواصلين، وكان بين آخر مظاهرهما اجتماع مجموعة من البرلمانيات وشبكة النساء العراقيات، أمس الاربعاء، مع رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي فائق زيدان .