اخر الاخبار

في مطلع الثمانينات ولدت فكرة إنشاء "جامع الدولة الكبير" في بغداد، كجزء من حملة النظام السابق "الايمانية" لتسويق الحرب العبثية ضد ايران.

وحينها تمت الاستعانة بـ 22 مكتبا معماريا عراقيا وعالميا مرموقا، لتقديم تصاميمها، مع لجنة تحكيم مختارة وضعت معايير أساسية للتقييم، استعرضها مفصلا المعمار المعروف موفق الطائي في كتاب بعنوان "هكذا ينظر الرواد لتصميم الجوامع" موضحا مراحل التصميم وتنفيذه في قصة مثيرة وغريبة.

ففي العام 1989 تنافس في المسابقة الأولى التي تمت بتنسيق الدكتور صباح العزاوي المدير العام للتصميم الأساسي لمدينة بغداد والمعمارين موفق الطائي و جنين لطف الله ، وشارك فيها معماريون عالميون معروفون، فاز تصميم راسم البدران من الأردن .. لكن صدام حسين طلب فجأة تغيير سعة حجم صالتي المصلين لتستوعبا نصف مليون مصلٍّ!

فغُيّر الطاقم كله وطُلب من أساتذة الجامعات والجهات المعنية تقليص المساحة إلى خمس الحجم ، مع بقاء استيعاب باحتي الصلاة لنصف مليون.

اوضح الطائي في حديث لي معه انه في ثلاث سنوات تم حفر حوض مائي كبير جدا يمتد من المحطة العالمية حتى الشارع المؤدي للشالجية، ليحيط بالقبة التي تتربع داخل حوض الماء. أما باقي المنشآت فصمم لها أن تبنى على حافات الحوض الخارجية، وتتألف من مكتبة عامة، ومركز تعليمي، وفندق، وشقق للموظفين وغيرها.

في خمسة أشهر فقط بنيت ركائز القبة بقطر 230 مترا، وتواصل العمل حتى احتلال بغداد عام 2003 .. والغريب ان صدام طلب حراسة الموقع أثناء دخول الأمريكان! وبالفعل – أضاف الطائي – "بقينا في شقوق أرضية حفرناها طيلة أيام الغزو، متعرضين لوابل قصف الطيران الحربي"!

بعدها أُهمل المشروع وحتى عام 2012، حين حدث تطور آخر بالاستيلاء على معظم أراضي الجامع لبناء مجمع (بوابة بغداد)، وقسمت الأرض لتتحول دورا للنواب بعدما رُدم ثلث مساحة الحوض.

اما الجزء المشيّد فتقرر أن يكون مجلسا للنواب، واجريت مسابقة عالمية فاز فيها مكتب إنكليزي.

وشاركت المعمارية زها حديد في المسابقة لكنها جاءت بالمرتبة الثالثة، ثم بتدخل من معماريينا كُلفت ثانيةً ودُفع لها كامل إتعاب التصميم.

ويبدو إنها لم تعلم حينذاك ببناء هيكل الجامع، فقررت سحب مقترحها وتقديم 3 مقترحات بديلة، تاركة أمر اختيار احدها لمتخصصين معماريين عراقيين.

لكن زها رحلت فجأة، فتوقف العمل رغم دفع أجور التصميم لها، والتي وللأسف لم يتسع الوقت لها لتتسلمها، وبقيت مودعة في بنك خليجي حتى اليوم، حيث تُدفع منها رسوم إيداع .. إضافية!

عرض مقالات: