اخر الاخبار

تطورات الاحداث وتسارعها في كل الجوانب من مناوشات كلام وصواريخ وتهديدات وأخبار متسارعة لا تعرف مدى صحّتها ، وكلّ مكانٍ تتواجد فيه، تسمع حكاياتٍ عن أيام الخمسينات والستينات والسبعينات، فالصوَر وبطاقات البريد تشعرك بأن تلك الأيام كانت أجمل وأكثر أماناً وسعادة ، في الزراعة  والإنتاج وبساطة العيش واحترام الفن وتشجيع المواهب المبدعة والالتفات الى النشء لتعليمه أفضل تعليم .

ذات يوم ونحن نقف أمام بناية قصر الثقافة والفنون في البصرة، كنّا ننظر الى حال النهر الذي يشقّ المدينة نصفين ونتحدث بما سمعنا وقرأنا عنه، وكيف كانت مياهه صافية عذبة والسمك  يسبح داخلها ، وكيف كان الناس يشربون منها ويغتسلون بها وما آلت الأمور به الآن الى مكبٍّ للمياه الثقيلة  لتنبعث منه روائح عطنة رغم ما قامت به اليونسكو من ترميم مؤخراً؟!

قبل أيام أيضا استوقفتني حادثة رواها احد رفاقنا عن ابنته عندما اعترض شباب منحرفون طريقها أثناء عودتها من الجامعة بغية سرقة حقيبتها وهاتفها، وكيف أذهلتهم بشجاعتها عندما ضربتهم وجعلتهم يلوذون بالفرار. وما يحدث من لعلعة رصاص بين آونة واخرى سواء في فرح او حزن او مشاجرة، إضافة إلى تذمّر الناس عند  مراجعة الدوائر وسوء تعامل الموظفين مع المراجعين وحال المتقاعدين وهم يقتعدون الأرصفة وممرات دائرة التقاعد، ووضعهم المزري وهم يراجعون يوميا دون إكمال معاملاتهم رغم كبر سنهم والأمراض التي أنهكتهم.

أحاديث كثيرة تسمعها عن العاطلين وأصحاب الشهادات المركونة جانبا وما يواجهونه عند مطالبتهم بالتعيين، والمتسكّعين في المقاهي بلا عمل، وتوقّف اغلب المصانع والمعامل عن الدوران والإنتاج، لنستورد حتى قناني الماء والخضروات.

الصناعة شبه متوقفة ، الزراعة تكاد تنعدم، التجارة بارت ، الشوارع على حالها تسوء يوما تلو آخر رغم باب الاستيراد المفتوح على مصراعيه ، الخدمات الصحيّة والعلاجية سيئة ، انقطاع الكهرباء المستمر في اغلب المخافظات، رداءة التعليم وانهياره شيئا فشيئا وازدياد نسبة المدارس والجامعات الأهلية ، المجاري التي تبعث بمياهها الثقيلة لأنهارنا وشط العرب حاملة الجراثيم والفيروسات، الثقافة التي ما تزال تحتاج الى دعم وتشجيع واهتمام وبنى تحتية ،الفساد المستشري في كل مكان ، الخراب، الموت المجّاني، قلق الأب على بناته وأولاده ، الراتب الذي يستقطعونه في كل مناقشةٍ لموازنة ما  !

الدولار بين الصعود المتزايد وهبوط دينارنا..

كل هذا الألم والخوف والتدهور والقلق من المجهول يعطيك تبريراً  لتقول : لا مستقبل لنا، فنحن نسير في نفقٍ لا نعرف نهايته وماذا يخبئ لنا ظلامه ؟!

كي نعيد الثقة للناس بالمستقبل الذي يتمنونه ويصبون إليه ، علينا أن نعيد الأمن والأمان بشكل حقيقي جداً، ونكبح جماح الفاسدين ونحاسبهم أشدّ حساب، وأن نسعى بشكل جاد ــ لا إعلامياً ودعايات وشعارات فقط ــ  إلى الاهتمام والارتقاء بالصناعة والزراعة والتجارة وقبل كل شيء التعليم والخدمات الصحية والعلاجية ونظافة القلوب والضمائر من الضغينة والجشع وحب الذات ، وان نجعل الوطن والناس فوق كل شيء لأنهم هم الحياة.

حرّية المواطن وسعادته وأمانه وازدهار الوطن وتقدّمه ورُقيّ حاضره هو الطريق الصحيح إلى مستقبل مشرق باهر وسعيد حتماً، ولنعرف جيداً أن التاريخ لن يرحم !

عرض مقالات: