أثار فيلم "اختفاء صدام حسين" الذي عرض أخيرا في صالات السينما في أربيل لغطا واسعا، بعدما حظي بإقبال كبير وحقق شباك التذاكر أعلى المبيعات. وبرأي الكثيرين يرجع سبب الإقبال إلى فضول جيل الشباب على نحو خاص، ممن لم يعايشوا زمن صدام حسين، وإلى تشجيع محبي الطاغية من بقايا حزب البعث، فضلا عن رغبة كثيرين في معرفة كيفية تناول الفيلم الموضوع .
وكنت شخصيا قد دعيت قبل مدة لمشاهدته ضمن العرض الخاص للصحفيين في سينما "فاميلي مول" في أربيل. وقد ران الصمت في قاعة العرض هذه المرة وفوجئ اغلب الحضور بالصورة الايجابية لسلوك صدام في الفيلم ..
ويروي الفيلم يوميات اختفاء صدام بعد الاحتلال الأمريكي وتفاصيل حياته في مخبأ سري باحد البيوت، على لسان ابن صاحب البيت الذي ظهر في الفيلم يسرد تلك التفصيلات طيلة أيام مرافقته له مدة ثمانية أشهر، في مزرعة نائية على ضفاف نهر دجلة.
وبالرغم من تضارب المعلومات حول كيفية إلقاء القبض على صدام ومن الذي وشى به، وتأكيد كثيرين على الوشاية من أحد أقاربه .. إلا أن الفيلم يظهر بوضوح وشاية مرافقه محمد إبراهيم، الذي شوهد معه في آخر ظهور له في منطقة الاعظمية في نيسان 2003، والذي كان يتردد على مخبأه باعتباره موثوقا. لكن العلاقة توترت بعد حمل رسالة له من الجانب الأمريكي تفاوضه على التسليم .. يظهر الفيلم "بطولة" صدام الزائفة وهويرفض الرسالة بعصبية مفتعلة. وفي الوقت نفسه عرض الفيلم لقاء صدام بولديه قصي وعدي رفقة محمد إبراهيم نفسه، ثم إبلاغه عن مقتلهما بعد اللقاء مباشرة، فيظهر صدام في أسوأ حالات الحزن والبكاء والتزام الصمت"!
يظهر الفيلم علاء نامق الذي تستر في بيته على صدام، وهو يحاول إظهار ما فعل على انه من باب "إغاثة الدخيل"، رغم علمه وعلى رأي صدام نفسه بأنه قنبلة موقوتة يمكن إن تنفجر عليهم جميعا.. ويبكي علاء عليه في ختام الفيلم!
معروفة طبعا الشيمة العربية في حماية الضيف، لكن أي ضيف هذا الذي أوغل شديدا في قتل العراقيين بالقمع والحروب والحصار والبشاعات المختلفة الاخرى؟ ولماذا هذا التركيز على إظهار صدام بموقف الشجاع والبطل؟ والكل يعرف كم كان ذليلا وبائسا وهو يختفي مثل جرذ في المزرعة؟
ولم يُظهر الفيلم إلا لقطات سريعة عن الفضائع التي ارتكبها صدام بحق الكرد في حلبجة والانفال، وهذا استفزني شخصيا كما استفز غيري في القاعة، وقد عبرت عن ذلك بصراحة وانا اتحدث لقناة روداو الكردية، التي جاء مراسلها بعد انتهاء العرض يسألني عن رأيي بالفلم.