اخر الاخبار

وأنا أقرأ العبارة التي كتبها ذات يوم الأممي الخالد جيفارا "كلّهم يكذبون يا رفيقي" تناهبتني التساؤلات:

 ما الذي يجبر المسؤول على الكذب، إذا لم يكن مؤهّلاً للوفاء بوعوده ؟ أم أنها فكرة غوبلز : إكذب وإكذب حتى يصدّقك الآخرون ؟!

خلال أزمتي المستمرة مع السكن والتي لم تنته بعد، انبرى احدهم قائلاً : سأتحدّث مع فلان لإيجاد حل لك وتتخلّص من الايجارات وهمّها. ذهب إليه وشرح له حالتي، وعدَهُ ذلك البرلماني خيراً واضعا الشمس في يمينه والقمر في شماله. أبلغني فرحا أن أزمتي مع السكن ستنتهي خلال أيام قليلة، ومثله انبرى آخرون كثرٌ، هذا يقول كلّمت المحافظ، وذاك يقول تحدثت مع المسؤول الفلاني، وووووهكذا دواليك من الوعود والاحلام، حتى راودتني أحلام اليقظة بحصولي على مأوى يلمّني وعائلتي بعيداً عن كلّ المنغّصات ..

كل هذه الأحلام والوعود والكلام المعسول ذهبت أدراج الرياح وما زالت، وكأن المسؤول لم يعدْ أبدا، لأنه لا يستطيع الوفاء بوعده، وكل ما قيل كان تخديراً لي فقط، كما الاخرين من المخدّرين بوعود المسؤولين هنا وهناك في الكثير من الامور والأزمات، التي باتت تنخر في البلاد طولاً وعرضاً.

لو أحصينا كلمات ووعود مَنْ جلس على الكرسي متسيّداً على رقاب الناس بالصدفة، وصار مسؤولاً ــ لم أقل منذ 2003 فقط ، بل وما قبلها ــ وبحثنا عن نسبة الوفاء بها، حتى بقدر حبّة الحنطة ، لم نجد لذلك أثراً أبدا، كلّهم يكذبون للأسف وصدق جيفارا العظيم حينما قال "كلّهم كذّابون يا رفيقي" ، يقولون ما ليس لهم به علم ولا طاقة وفاء، ولا حتى استعداد نفسي للعمل به وتقديم الخير للناس، كي يكونوا أوفياء أمام أنفسهم قبل كل شيء ، لكن هيهات وأنّى لهم ذلك وهم معجونون بالفساد والغش وخداع الناس حيث جاء بهم المحاصصة المقيتة .

لو تحقق بقدر ذرّة رمل مما قالوه ووعدوا به المواطنين لصرنا الآن في أحسن حال، وبلدنا يضاهي البلدان المتقدّمة في كل شيء من ازدهار وخير ومحبّة واقتصاد قوي جداً.

لكنهم خلاف ذلك دائما، من حروب ودمار وتشريد واعتقالات إلى فساد وإرهاب وقتل وأزمات متزايدة، اقتصاد مرتبك ومنهار، انعدام في كل مقوّمات الحياة، تأخر رواتب الموظفين والعمال والمتقاعدين وهذه لم تحصل في أيّ بلد مهما كان اقتصاده ضعيفا، تلكؤوانعدام في الزراعة والصناعة وتحوّلنا من منتجين إلى مستهلكين نستورد حتى الماء العذب والبيض من الجيران، أزمات لا حصر لها من كل جانب، وكلّما يتظاهر الشعب وينتفض يُجابَه بالنار والحديد والقتل والاختطاف، أسىً يسكن النفوس ويأسٌ من كل شيء، انفلات امني واحتراب طائفي ومناطقي وعشائري في ظل غياب سلطة القانون القوية والردع الحقيقي لكل مذنب مهما كان مركزه ومقامه !!

حين يكذب المسؤول ينهار كل شيء ويضيع الوطن، ولنتأمل قليلاً أين وصل بنا الحال إذاً ؟!

وكلّ هذا بسبب الكذب الذي نعيشه كلّ لحظة. لكن ليعرف الكل جيداً أن التاريخ لن يرحم ابدا!

عرض مقالات: