على الرغم مما نعيش من أوضاع مأساوية تحفل بها المنطقة، من حروب وتهجير وتهديد يومي بكوارث قادمة، لابد لنا من الإمساك ولو ببعض الأمل الذي قد يشكل جزءا من دواء لعللنا ، ومصباحا يضيء بنوره دروبنا., وفي الوقت نفسه لابد من الإيمان بأن الفرح قرار وليس اختيار، أي لابد لنا من وضع خطط "لاصطياده" واكتشاف سبل لتوهج أرواحنا بحبور ينعش كل تفصيلات الحياة، وبما يحقق سعادات وإن كانت شحيحة، ربما تمنحنا طاقات مضافة للمواجهة.
قد نسعى أحيانا للترفيه عن انفسنا وإبعاد العبوس المخيِّم علينا ليل نهار، وكما يقال: "الناس لن ينظروا الى لباسك ما دمت تطل بابتسامة كبيرة" جاهدا لإضفاء سكينة روحية ما، قد تغيَّر من أمزجتنا وتمنحنا سعادات أخرى وإن كانت بسيطة، نهديها بدورنا للآخرين .. فالفرح كما الحزن مُعدٍ و"من جاور السعيد يُسعد"..
وعلى أهمية الفرح والترفيه والاجتهاد لتحصيلهما ، هناك من يحتفي بمناسبات ويمارس ألعابا مسلية لا يدرك حقيقتها، وقد تزجه في شراك مشاكل نفسية لا يعيها. وما أعينه هنا يخص الأطفال تحديدا. فالألعاب الالكترونية الحافلة بحيل الجرائم ودسائس المجرمين وكيفية تنفيذها، تستهوي الكثير من الأطفال والشباب، مما ينذر بعواقب نفسية واجتماعية مستقبلية وخيمة.
في هذا الشهر جرت وتجري احتفالات بـ "عيد الهالوين" في رياض الأطفال والمدارس الأهلية وفي بعض المجمعات السكنية، دون معرفة بحقيقة هذا "العيد"، واكتفاءً بتقليد أهوج لمظاهر متعلقة بالملابس الغريبة وبعروض الحلوى والألعاب، ولا أدري كيف سيفسر "تربويونا" لذوي الاطفال، إن كانوا يعرفون، حقيقة أنه أصلا مهرجان "ديني" يبث الرعب (وكأننا بحاجة ماسة للرعب!) لطرد الأرواح الشريرة وتكريس استذكار الموتى؟!
ربما تعلل بعض الهيئات التعليمية "الفهيمة" احتفالاتها الباذخة بهذه المناسبة، وهي تسعى لتقليد من يؤمنون بها من خلال تزيين البيوت والشوارع، وارتداء الكبار والصغار ملابس غريبة وأقنعة كي لا تعرفهم الأرواح الشريرة! فبحسب الأسطورة تعود كل الأرواح في ليلة 31 أكتوبر من البرزخ إلى الأرض، حيث تطغي وتتموج حتى الصباح التالي.
وفي الليل يتنقل الأطفال من بيت لآخر (وهذا ما شاهدته بنفسي في إحدى مجمعاتنا السكنية) في طقس يسمى "شكولاتة" وبحوزتهم أكياس وسلال مرددين عبارة "خدعة أم حلوى؟"، وهو ما يشبه تقليد "الماجينه" عندنا إلى حد ما. والبيت الذي لا يعطي الأولاد المتنكرين شكولاتة "ستغضب منه الأرواح الشريرة" كما يعتقدون!
ترى هل أطفالنا بحاجة لمثل هذه الخزعبلات؟ لمَاذا الترويج والتقليد الأعمى لظواهر سخيفة، يفترض ان نحمي أطفالنا ونبعدهم عنها؟ وياترى هل هناك من يحد من جشع أصحاب رياض الأطفال والمدارس الأهلية وألاعيبهم في الترويج وكسب الأموال؟
وبانتظار رد وزارة التربية والجهات المعنية..