هل هو حقا صباح الحرية، رغم تلبد الغيوم واصطباغها أحيانا بلون الدم ؟!
لا نعرف حقا ، نحن القاطنين تحت خيمة الأمل بين شراك الخوف وأشواكه، نتابع بكثير من الريبة والقلق ما يحدث وسيحدث في سوريا، مع هاجس يلكز خواصرنا على الدوام يذَّكرنا "بأن لابد من التغيير وإلا".
منذ ساعات التغيير الأولى في سوريا لم تكف عيناي عن الدمع حزنا وفرحا في آن، استرجع مع سقوط أصنامهم سقوط صنمنا وقد جثم على أرواحنا عشرات السنين. استذكر لحظات سقوطه بينما كنت أتابعها من على شاشة التلفزيون في غربتي لوحدي بعيدا عن الوطن. اصرخ بعبرات خانقة منذ زمن بعيد، سرق فيه الطاغية ملامح الفرح والأمل في حياة أفضل، انعى بلدي وقد ذهبت سنواته هباءً منثورأ في صراعات وحروب وسجون وحصار وتشتت ..أنعي غربتي ويُتم أبنتي كما غيري وغيرها من أبناء شعبنا، أردد مع نفسي: "هذا التافه الجرذ وقد أخرجه المحتل من جحره" سبّب لنا كل هذا الدمار والمصائب؟!
نفس هذا الشعور وربما أكثر يعيشه الآن أهلنا السوريون وهم يتابعون بذهول فرار "قائدهم الأوحد" تاركا البلاد والعباد لمصائر مفتوحة على كل الاحتمالات. تسمرت أمام مشاهد سجن صدنايا الأحمر ووفود القادمين نحوه بحثا عمن فقدوا في غياهبه، متأرجحين بين الأمل واليأس من العثور على من تبقوا فيه، فضلا عن مفاجآت العثور على سجناء فقدوا منذ أربعين عاما، بعضهم اعتُبروا في عداد الموتى، وآخرون أخرجوا جثثا حية فاقدي العقول والعافية.
سجن صدنايا لا يختلف عن سجون الطغاة في كل مكان، وربما شهدت سجوننا في عهد الطاغية البعثي أكثر بشاعة ، لكن فرق الفواجع الآن تسلط عيون كاميرات القنوات التلفزيونية عليه وافتضاح بشاعته أمام العلن.. بينما لم تزل ذاكرة سجنائنا السياسيين، من بقي منهم على قيد الحياة، محملة بالكثير والكثير مما لم يُحكى ولم يُسجل لا حتى في الروايات، عن قهر الدكتاتورية وعفن الأحقاد وسُقم الكراهية..
لا ندري إن كان القادم لسوريا أفضل، أم مثلما يترحم البعض عندنا اليوم على دكتاتورية صدام سيترحمون هم أيضا على أسدهم. لكن في جميع الأحوال "لابد من أمل ، وإلا..!".