حدد رئيس مجلس الوزراء مجموعة من الملفات التي أخفقت حكومته في معالجتها، وكان من بينها ملف توزيع قطع الأراضي على المواطنين. وإذا كانت مراجعة الحكومة لمدى تنفيذ الالتزامات بمنهاجها خطوة إيجابية، فإن ما يثير الاستغراب هو تحول ملف توزيع الأراضي إلى معضلة تعجز عن حلها الحكومات المتعاقبة، وباعترافها المعلن، حتى بدت القضية وكأنها أزمة مزمنة تتطلب جهوداً كبيرة وموارد مالية ضخمة لمعالجتها، في وقت لا تمثل في جوهرها سوى مسألة إدارية وتنظيمية.
وإذا كان الاكتفاء بتوزيع الأراضي على المواطنين ليس حلاً جذرياً لأزمة السكن في البلاد، فإن الأولوية تبقى لتوفير البنية التحتية والخدمات الأساسية لهذه الأراضي قبل توزيعها، لتصبح صالحة للسكن. وإلا فإن مصيرها لن يختلف عن مصير الأراضي التي تم توزيعها في الماضي وظلت جرداء لا قيمة لها.
إن الإخفاق في هذا الملف، إشارة واضحة لوجود خلل إداري أو لتدخل جهات متنفذة تسعى للحفاظ على سوق العقارات كبوابة لتجاراتها المربحة، وهو ما يفسر تعثر تنفيذ هذا الملف ويكشف عمّن يقف وراء هذا الإخفاق.
وأخيراً، يحق للناس التساؤل عن أسباب عدم الشروع ببناء المدن السكنية الجديدة رغم مضي وقت طويل على وضع الحجر الأساس لها، وما علاقة هذا التأخير بما يُشاع عن رفض الشركات المتعاقدة للمباشرة بالأعمال قبل أن يتم تمليكها الأراضي؟!