" حبي لداخل حسن وانتمائي لناصريتي..الحب وطن والنشيد الوطني بيه "حاسبينك".. الفرات يصير شاعر من يمر بالناصرية.." مفردات من ذهب تقطر عذوبة، تألق بها الشاعر الشعبي لطيف العامري عند وصفه لمدينته. ولا غرابة، فالناصرية مدينة العشق والفن والثورة ومهد الحضارة..
وبوهج المحبة والحنين والعودة للجذور كنا قد لبينا دعوة اتحاد الأدباء والكتاب لحضور مهرجان الحبوبي الإبداعي الدولي السابع "دورة فلسطين ولبنان" في نهاية الشهر الماضي. وعلى مدى ثلاثة أيام أنعشت أرواحنا نفحات قصائد لشعراء قدموا من كافة أنحاء العراق ومن لبنان وفلسطين والأهواز.
ولعل أبرز ما تحقق في المهرجان تدشين قرية أور السياحية ومسرحها السومري المفتوح، المشابه للمسرح الروماني المكشوف بمدرجاته العالية وروعة تصميمه وبنائه . وعلى الرغم من انخفاض درجات الحرارة على غير المُتوقع، غص المسرح بضيوف المهرجان من الشعراء والأدباء والفنانين ومن أهالي الناصرية، إذ حظيت العائلات بفرصة التمتع بالحضور ومتابعة الفعاليات. وللمهرجان ميزات لابد من تأشيرها، أهمها إتاحة الفرصة لإبداعات الشباب المحليين في إظهار مواهبهم وتنفيذها على أرض الواقع، بدءا من التنظيم الراقي للفقرات من قبل رئيس اتحاد أدباء ذي قار الشاعر علي الشيّال ، إلى تقديم فعاليات شبابية متنوعة كعرض فيلم استذكاري عن أدباء الناصرية الراحلين في وقفة وفاء رائعة ، وإقامة المعرض الشخصي الثاني " أرض القصب" للمصور الفوتوغرافي علي رحيم العسكري ، مواليد 1995 ، وتقديم عرض لمسرحية " حدث مالم يحدث" تأليف وإخراج علي عبد النبي على مسرح أور ، وعرض بصري آخر من إخراج عصام جعفر عذاب على جدار مسرح آور..
وتضمن حفل الافتتاح إعلان جوائز مسابقة أور الإبداعية ، و تكريم فريق مسلسل الجنة والنار الذي ذاع صيته مؤخرا وحاز على إعجاب الكثيرين ، من تأليف وإخراج مصطفى ستار الركابي وتمثيل مجموعة شباب من الناصرية. و قدم المهرجان في يومه الثاني عرضا موسيقيا للفنان المغترب علي الكناني الذي برع بصنع آلة القيثارة السومرية بنفس حجم ومواصفات الآلة الأصلية .
وعلى مدى الأيام الثلاثة تمتعنا بسماع قصائد الشعراء الممجدة للناصرية ولأهلها ولانتفاضة الشباب ، سيما وأن موعد المهرجان حل في الذكرى الخامسة لمجزرة جسر الزيتون التي راح ضحيتها 70 شهيدا وأكثر من 225 جريحًا في 28 تشرين الثاني، و 15 متظاهرًا وجُرِح 157 آخرين بعد يومين . بالإضافة إلى القصائد التي استذكرت النضال في مواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم في غزة ولبنان .
ولعل الميزة المهمة الأخرى للمهرجان تناوله موضوع الساعة حول الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالأدب، في جلسة فكرية قدمها عدد من النقاد الذين وجهوا الانتباه إلى مدى تأثير التقنيات الجديدة في التحكم بالإبداع والمواهب، إلى جانب تقديم جلسة نقدية أخرى بعنوان" الشعر السومري" لباحثين أجانب.
وتضمن المهرجان فعاليات أخرى مثل البازار الفلكلوري وجلسات موسيقية ، مما يشير إلى ضرورة إقامة مثل هذه المهرجانات، ضمن فعاليات اتحاد الأدباء والكتاب في كافة المحافظات العراقية، لما فيها من تنشيط للذاكرة المحلية وحث على الإبداع والتميز.