اخر الاخبار

في مثل هذه الأيام من عام 1949 اقدمت حكومة نوري السعيد ومن ورائها السفارة البريطانية على اعدام قادة الحزب الشيوعي العراقي فهد وحازم وصارم، ليكونوا اول ضحايا إرهاب الدولة وقمعها الدموي للمعارضة السياسية ولحريّة الرأي والفكر والمعتقد!

في مثل هذه الأيام قبل اثنين وستين عاماً، ارتكب الفاشست العفالقة ومَنْ ساندهم في الخار ج والداخل أبشع جريمة في تاريخ العراق، حينما جاءوا على دبّابة أمريكية لتقويض جمهورية 14 تموز الفتيّة، التي فتحت أبواب الأمل والخير والكرامة للفقراء، وسارت بالوطن على سكّة الاعمار والبناء والتقدّم في شتّى المجالات العمرانية والصناعية والزراعية والثقافية والتربوية والتعليمية وغيرها.

في مثل هذه الأيام افتتحت القوى الاستعمارية والرجعية سنوات الدم والقبح والخراب والكراهية والبغضاء والثأر بين أبناء الوطن الواحد، لتستمرَّ حتى أيامنا هذه، حيث الطائفية والفساد والمحسوبية والمحاصصة والحزبية الضيقة، وتخريب النفوس والعقول بكل ما يسيء وينخر في كل زاوية من زوايا البلاد !

لم أكن أدرك ما كان يفعله أبي (رحمه الله) في مثل هذه الأيام، حين كنت في تلك السنوات طفلا لم أكمل العامين، واخطو أولى خطواتي في هذه الحياة التي حملتُ وما زلت أحمل أثقالها على كاهلي رغم كل شيء.

أبي الذي كسر الفاشست ظهره بعد انقلابهم الدمويّ الأسود، لأنه كان قاسميّاً حدّ النخاع. كم عانى وتألّم بعد ذلك كثيراً. كان يصعد إلى سطح بيتنا الطينيّ كلّ مساءٍ في مثل هذه الأيام، يجلس قبالة القمر، يحدّق فيه كثيراً والدموع تغسل وجنتيه!

كنت أسأله: ما بكَ؟ لماذا تبكي ؟! فيشيح بنظره عني ويكفكف دموعه ثم يقول: لا شيء .. ستعرف عندما تدور بك عجلة الأيام يا بُني !

وقد عرفت ذلك حين حدثتني أمي (يرحمها الله) لاحقا، كيف هجم الأشرار حينها على من كانوا يعشقون الوطن والناس، وقتلوا الزعيم الذي احتضن الفقراء وبسط كفيّه وقلبه وكل ما عنده لهم، كما عاثوا في البلد فتكاً وقتلاً وترويعاً، وسفكوا دماءً بريئةً لشيبةٍ وشبابٍ وفتية وصبايا ونساء.

ومنذ شباط 1963 حتى شباطنا الحالي، لم ينعم العراقيون بيوم مستقر مبهج أبداً!

ومنذ ذلك الحين ونحن نحرص على حفظ ذكرى الضحايا المغدورين وإحيائها، رغم ما تسبب لنا من اوجاع ومرارات، وما تثير فينا من غضب عارم على الفاشيست الآثمين وجرائمهم الشنيعة.

عرض مقالات: