في الثاني من شهر شباط يُحتفل عادة باليوم العالمي للخيال العلمي، الذي تجاوزت أهميته مجرد المتعة ليصبح دافعا مؤثرا للتفكير بشكل نقدي في حاضرنا ومستقبلنا، بما فيه من أدب وفن راقيين تأخذنا عوالمهما في رحلات مذهلة عبر أزمنة وأماكن مُتخيّلة، سواء من عوالم الفضاء أو أعماق المحيطات غير المكتشفة او غيرها، مثلما يحذرنا من المخاطر المحتملة، ويشجعنا على تخيل عوالم أفضل.
في هذا اليوم يجري إحياء ذكرى ميلاد مؤلف الخيال العلمي الشهير، إسحاق أسيموف المولود عام 1920، والذي كتب أكثر من 500 رواية وقصة قصيرة، أصبحت من أساسيات أدب وفن الخيال العلمي.
ولهذا الفن جذور في تاريخنا العربي، وهناك أمثلة وإن كانت قليلة، منها "حي ابن يقظان" لابن طفيل، لكنه بقي فنا وأدبا صعب التناول لعدم توفر أسباب نجاحه عندنا، رغم المحاولات الجادة لعدد كبير من كتابنا وفنانينا، مثل الكاتب عبد الهادي السعدون والكاتب صلاح محمد علي ضمن كتاب دار ثقافة الأطفال، التي سعت جادة في نهاية الثمانينات لتكوين ركيزة مهمة له، عبر تشجيع التأليف والرسم وترجمة النصوص الأجنبية.
اليوم تتجلى أهمية التفكير بإنتاج هذا الأدب والفن محليا، لمواجهة ولو متواضعة مع ما يصلنا عبر النت المفتوح وشاشات التلفزيون من سيل هادر للإنتاج الأجنبي، أفلاما ومسلسلات كرتون عامة وما يبثه الكثير منها من أفكار رعب سامة، تؤثر في أطفالنا كثيرا، ويصفها أحد الباحثين التربويين بأنها أكثر تأثيرا من الأحداث الواقعية، بما فيها من حركة وإبهار و" أكشن"..
الفنان فاخر حسين من أبرز رسامي ومنفذي الخيال العلمي في العراق، وقد اعتمد الرسوم المتحركة لتنفيذ أعماله منذ العام 1995، بعيدا عن الأوراق والأقلام التقليدية اختصارا للجهد والوقت، فما يستغرق عادة ثماني ساعات في عمل يدوي يُنفذ خلال عشر ثوانٍ كما يقول. فضلا عن اعتماده حديثا على برامج الذكاء الاصطناعي في إنتاج أفلام قصيرة وطويلة، آخرها فيلم بعنوان "سوران" استغرق إنتاجه عامين، متبعا إرشادا تربويا متخصصا..
تحديات كبيرة تواجه الفنانين الشباب المتخصصين برسم أفلام الكرتون والانميشن، أمثال الفنان حيدر عبد الرحيم ياسر ابن رسام الكاريكاتير المعروف، والفنان غيث محمد شوقي، ابن رسام الأطفال المعروف أيضا، منها عدم توفر الدعم اللازم للإنتاج من القطاعين العام والخاص، و انعدام التسويق عندنا، الأمر الذي يتطلب إنشاء منصة خاصة بكل فنان ليتمكن من عرض وتسويق إنتاجه..
مع ذلك لم تفتر همة شبابنا في الإنتاج والتسويق معا، مستعينين بمهرجان بابل للرسوم المتحركة الذي يقام سنويا في جامعة بابل، بسعي دؤوب من الفنان حسين العكيلي.
يتمنى هؤلاء الفنانون أن لا يقتصر تنفيذ أعمالهم في استوديوهاتهم الخاصة حسب، إنما بتأسيس ودعم المركز العراقي للرسوم المتحركة، وإنشاء معهد أو كلية متخصصة تستوعب كافة المواهب المحلية الواعدة في هذا المجال.