اخر الاخبار

نستعين بالفلسفة الصينية التي تقول أن "لا بأس أن يكون المتكلم أحمق، ما دام المستمع حكيما" كي ندرك ما يسعى لفعله مجموعة شباب عراقيين، شكلوا مجموعة " بصمة بغداد" ، "بهدف أن يكون الخطاب الثقافي حاضراً ومتصدرا في الفضاء العام ، وأمام أعين المارة والمواطنين المشغولين بيومياتهم، البعيدة ربما عن الثقافة ومظاهرها" على حد قول قائد المجموعة حسام السراي. وهو الشاعر والصحفي الذي انشغل منذ العام 2016 بتنفيذ مبادرات في الفضاء العام، على جدارن الكونكريت وبعض الأبنية، حملت عناوين مثيرة من قبيل "الجدران ليست لثارات العشائر"، إلى جانب تنفيذ مشروع مقاطع للمارة لما يقرب من 60 مدرسة وكلية في بغداد.

وكمن يقف على حافة هاوية عميقة، ويخشى السقوط، توجه مع مجموعته نحو أفكار من شأنها تلمس احتياجات الناس، ومواجهة الواقع الإنساني بصيغ جمالية مبتكرة، نُفذت بصبر مدهش وبإصرار عجيب على مواجهة القبح بالاكتشاف والإلهام والبصيرة.

هكذا أشهروا رسائلهم الثقافية والاجتماعية للعامة عبر مبادرة "غرافيتي بغداد" التي نفذت للمرة الأولى في مناطق متفرقة من بغداد، بين الكرخ والرصافة، عبر عشر جداريات مرسومة لشخصيات ثقافية وأدبية عراقية بارزة، مرفقة بمقاطع من بعض أقوالهم. مثل جدارية عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي وبضمنها قوله: "علموا الأطفال أن القوة التي تحكم العالم اليوم ليست قوة فرد أو سيف إزاء سيف .. إنها قوة العلم والصناعة والنظام". كذلك جدارية الباحث فالح عبد الجبار المرفقة بقوله: "نحتاج إلى تنامي الوعي بحيث تشيع المدنية والقانونية لحل النزاعات، وليس العودة إلى الأساليب البدائية".

ثم جدارية المعماري محمد مكية وقوله:" من الأمنيات التي تمنيت تحقيقها لبغداد، إحاطتها بحزام أخضر وبساتين تتخللها مجمعات سكنية، لتكون بغداد كبرى يليق بها اسم أم القرى والمدن".

وحملت الجدارية الوحيدة لسيدة عراقية هي الباحثة لاهاي عبد الحسين، المرسومة في كلية الآداب قولها: "العراقيون مقاومون أشداء لما يفرض عليهم عنوة وهم يصنعون تاريخهم، ويقدمون التضحيات الجمة على هذا الطريقز العراقي ليس سهلا وهو يشق طريقه قُدما" .

وجدارية الكاتب والروائي زهير الجزائري الذي يقول: " دور الطبقة الوسطى الواعية والمتعلمة هام جدا، فهي التي وحدت المشاعر الوطنية، وكوّنت شخصية بغداد الحديثة" .

أفكار الجداريات هذه جمعها حسام السراي وصممها الدكتور إياس العباس، ونفذتها مجموعة من الشباب الرسامين والخطاطين بينهم محمد كاطع، يوسف مجيد، حيدر خيال، سجاد حسين، عمار الشمري.

ولهذه المجموعة فعاليات مبتكرة لم تخطر على بال، منها تنفيذ حفل موسيقي بعنوان " صوت بغداد" على سطح قاعة كولبنكيان في ساحة الطيران، مع تنفيذ لوحات فنية لطالبات معهد الفنون الجميلة للبنات، وتقديم مقاطع شعرية لصادق الصائغ، كما عرضت في يوم بغداد عددا من اللوحات في الفضاءات العامة، حملت مضامين ومقاطع شعرية تتغنى ببغداد.

ترى هل ستمسح هذه الجهود بعضا من شوائب ركام الخرائب، لما نعيشه اليوم؟!

عرض مقالات: