اخر الاخبار

ذات يومٍ مرَ بي صاحبي ولم يُسَلم. ناديته: ماذا دهاك؟ ألا تُسَلّم؟! أجابني: ألَا تعلم أنهم وضعوا تسعيرةً للسلام؟! اندهشت أولاً، وضحكتُ من كل قلبي ثانياً، وتساءلتُ مع نفسي: تسعيرة للسلام؟ هل يُعقَلُ هذا؟!

وتستمر حيرتي وأنا أسمع وأقرأ الآن عن قرارات استيفاء رسوم لزيارات المرضى والخدمات الطبيّة والعلاج في المستشفيات الحكومية، كذلك رسوم الإجازات والمراجعات وغيرها!

 يوم أمس كنت في سيارة ( كيّا) حين صعد بعض النسوة من أمام احدى المستشفيات، وهنّ يتذمرن ويشكين. انفردت إحداهن باكية وهي تقول: شيريدون منّا بعد؟! وين راح يأخذون البلد يا ناس؟! كل شي باكوه حتى صحتنا!

سألها احدهم: خالة شصار؟ أجابته: خالة كلشي بفلوس، ما خلّوني أراجع الطبيب لأن فلوسي ما كفّت، وهلْ تشوف رجعت لا علاج ولا صحّة!

 أخذ الركاب يتحدثون عن القرارات القاضية باستيفاء أجور مراجعات المستشفيات الحكومية وهم يتذمّرون ويلعنون!

الغريب في الأمر أن الحكومة التي وعدت الشعب بالكشف عن الفاسدين ومحاسبتهم، وتفادي الازمات وتحسين كل شيء، نفذّت وعودها ولكن ضد الفقراء وذوي الدخل المحدود من موظفين ومتقاعدين وغيرهم، تاركة حيتان الفساد تسرح وتمرح من دون رقيب أو حسيب!

الخدمات الصحيّة كفلت كل دساتير العالم تقديمها للمواطن مجاناً، وكذلك التعليم وغيره، لأنها من أولويات حقوقه في العيش والحياة الحرّة الكريمة. إلّا إننا نجد العكس للأسف.. فحلول الأزمات كلّها جاءت ضد المواطن، لسلب أحقيته في الخدمات الصحية وغيرها، من خلال استيفاء الرسوم على كل خطوة يقوم بها وحتى زيارة المرضى، ما سيتركه عرضة للأمراض ولانتشار الأوبئة في عموم البلاد !!

 كذلك الحال في ميدان التعليم الذي يُعتبر الركيزة الأساسية في تطور البلدان وتقددمها.

إذا كنّا نحبّ وطننا ونشعر بالانتماء الحقيقي اليه، علينا أن ننتبه جيداً لما يحصل، ونعمل على الاسراع في حلحلة الأمور وإعادتها إلى جادة الصواب من خلال الإصلاحات الحقيقية، ودرء الفساد بكل قوة ومحاسبة الفاسدين الذين أكلوا الأخضر واليابس، لا أن نصوّت على قوانين تمنحهم الحرية ليعيثوا فساداً أكثر، قبل أن تغرق السفينة بمن فيها، ويذهب كل شيء أدراج الخراب!!

عرض مقالات: