اخر الاخبار

في كلّ مكانٍ تذهب اليه، تسمع حكايات عن الماضي وبهائه قبل هيمنة النظام المقبور على السلطة وعسكرته البلد، وتلاحظ الاشتياق لأيام الخمسينات والستينات والسبعينات.

 فالصور وبطاقات البريد واستذكارات الكبار تشعرك بأن تلك الأيام كانت أجمل وأكثر أماناً وسعادة، نشاطٌ في الزراعة والإنتاج وبساطة في العيش واحترام الفن وتشجيع المواهب المبدعة والالتفات الى النشء لتعليمه أفضل تعليم.

حينما نتحدّث عن البصرة وأنهارها وكيف كانت مياهها صافية عذبة والسمك يسبح فيها، والناس يشربون منها ويغتسلون بها، وما آلت اليه اليوم مكبّا للمياه الثقيلة  تنبعث منه روائح عطنة.

وما نسمع من حوادث سرقة وإجرام وغيرها. ومن الازمات المتلاحقة التي تعصف بالمجتمع مثل ارتفاع صرف الدولار وارتفاع الاسعار قبل وخلال شهر رمضان، هذه الأمور وغيرها تؤكد احتياجنا إلى الأمن والاستقرار النفسي قبل كل شيء. ولا ننسى تذمّر الناس عند مراجعة الدوائر وسوء التعامل مع المراجعين، وحال المتقاعدين وهم يقتعدون الأرصفة وممرات دوائر التقاعد ووضعهم المزري رغم كبر سنهم والعلل التي تنهكهم.

كذلك ما نسمعه عن العاطلين وأصحاب الشهادات المركونة جانباً والمتسكعين في المقاهي بلا عمل، ينفثون حسراتهم وآهاتهم مع دخان الأراكيل، وتوقّف المصانع والمعامل عن الدوران والإنتاج رغم ما نسمعه اعلامياً فقط، حيث بتنا نستورد حتى قناني الماء والخضراوات .

الصناعة متلكئة، والزراعة انحسرت بشكل كبير، والتجارة بارت فصرنا مستوردين من الدرجة الممتازة، والشوارع على حالها تسوء يوما تلو آخر مع ازدياد اعداد السيّارات المستوردة، والخدمات الصحية والعلاجية شبه السيئة تضطرنا الى السفر للعلاج خارج البلاد، فيما أزمة الكهرباء مستمرة، والتعليم يتردى وينهار شيئا فشيئا مع تزايد المدارس والجامعات الأهلية، والمجاري تبعث مياهها الثقيلة لأنهارنا ولشط العرب حاملة الجراثيم والأمراض، والثقافة بحاجة الى دعم وتشجيع واهتمام وبنى تحتية، بينما هناك الفساد المستشري في كل مكان، والخراب، والموت المجاني، وقلق الأب على بناته وأولاده، وازمة السكن والعشوائيات، والراتب الذي يستقطعون منه كلما نوقشت موازنة او تأخرت!

كل هذا الألم والخوف والتدهور والقلق من المجهول يعطيك مبرراً للقول : لا مستقبل لنا ، فنحن نسير في نفقٍ لا نعرف نهايته وماذا يخبئ لنا ظلامه ؟

وكي نعيد الثقة للناس بالمستقبل الذي يتمنونه ويصبون إليه، علينا أن نعيد الأمن والأمان بشكل حقيقي، ونكبح الفاسدين ونحاسبهم اشد حساب، ونسعَى بشكل جاد إلى الاهتمام والارتقاء بالصناعة والزراعة والتجارة، وقبل كل شيء السكن والتعليم والخدمات الصحية والعلاجية ونظافة القلوب والضمائر من الضغينة والجشع وحب الذات، وان نجعل الوطن والناس فوق كل شيء لأنهم الحياة.

وتبقى حريّة المواطن وسعادته وازدهار الوطن وتقدّمه ورُقي حاضره، هي الطريق الصحيح إلى مستقبل مشرق سعيد، نحلم به ونتطلع اليه.

عرض مقالات: