اخر الاخبار

من وراء زجاج نافذة السيارة أخذتني الهواجس والافكار بعيداً، وانا أبصر الشعارات التي تملأ الشوارع واعالي البنايات. وقفت عند بوّابة الشعارات هذه لأجد اننا الشعب الوحيد في العالم، المهووس بحب الشعارات واطلاقها في مناسبة ودون مناسبة، كذلك اطلاق التصريحات النارية.. ففي كل زمان ومكان وتحديداً حينما يقترب موعد الانتخابات، تمتلىء شوارعنا وحاراتنا وازقّتنا ودوائرنا الحكومية وغيرها، وحيطان البيوت والمدارس بالشعارات الرنّانة، وتتعب أسماعنا من المسؤولين والسياسيين وهم يتفوّهون بتصريحات ناريّة، ما أُنزل بها من سلطان، تنقلنا الى سطح القمر وتبني لنا عمارات وبيوتا فوق المريخ..ولكن حينما نعود للواقع لا نجد شيئا منها ابدا .. حيث اننا نقرأ الكثير منها ونمنّي النفس بأماني واحلام كثيرة وكبيرة، ونسمع الكثير من التصريحات والوعود التي وكما اسلفت تجعلنا نعيش افضل وابهى واجمل عيش على وجه الأرض، ثم نكتشف انه كلام في كلام في كلام .. إذ لا يوجد منه على ارض الواقع شيء، وما يصدر من قرارات يخلق ازمات متتالية تبقينا في دوّامة لا تنتهي!

ياسادتي الافاضل: كفانا شعارات وتصريحات، نريد قولاً وفعلاً وتطبيقاً لأقل ما يمكن .. عمّي كافي حچي ولافتات وفلكسات وصور، قوموا ولو لمرة واحدة بما هو صحيح وكفى، اخدموا وابنوا وعمّروا وراعوا الفقراء والمساكين، ومن هم بلا مأوى وساكني التجاوز والعشوائيات والايجارات، والاطفال المشرّدين في تقاطعات الطرق والمتسولين، وكل طبقات الشعب البائسة الذين يطالبون بحقوقهم في كل يوم، وبعدها قولوا ما تريدون، وسنستمع اليكم بحب، وسنصدقكم العمر كله، وسنقول بملء الفم: صدقوا في قولهم ! وبعدها اكتبوا ما تريدون ..

و"طسّة"  قوية، وصوت "بريك"  جعلاني افيق من سرحتي وهواجسي، لأجد السيارة التي اركبها قد وقعت في حفرة مجاري وسط الشارع .. ليظلّ طنين اذني يردد: كافي تصريحات ناريّة ! كافي!!

عرض مقالات: