قالاها صراحة و"بالفم المليان" في مناسبة ثقافية وإعلامية مهمة، أثناء انعقاد ثامنة الندوات الثقافية بعنوان "الإعلام في العراق - جدوى التأثير والتأثر" في اليوم الثاني لمعرض أربيل الدولي للكتاب، بنسخته الـ 17 المنعقدة في 9 – 19 نيسان الجاري، بمشاركة أكثر من 350 دار نشر من 22 دولة.
المتحدثان في الندوة الدكتور نبيل جاسم وأحمد الزاويتي، وهما مسؤولان إعلاميان في مؤسستين معروفتين، أشرا مدى فشل مؤسساتنا الإعلامية، وانعدام ثقة المتلقي بها. ولا أدل على ذلك من لجوء الجمهور وحتى أصحاب المؤسستين، إلى الرصين من المؤسسات الإعلامية العربية والأجنبية، لتلقي الأخبار والتطورات المهمة من دون الاعتماد على مصادرنا المحلية، التي تُنفَق عليها أموالا ضخمة بلا طائل.
وأرجع المسؤولان الخلل الى أسباب عدة، منها عدم اعتماد المعايير المهنية الصحيحة في إعلامنا، وعدم التقيد بالاتفاقيات الدولية الخاصة باحترام حقوق الإنسان وكرامته، إلى جانب عدم حيادية مقدم البث الذي أصبح يفرض رأيه الخاص على المتلقي، بينما ينحصر دوره بوظيفة الناقل الإعلامي ولا غير، كذلك خضوع الإعلام للأجندات السياسية للأحزاب السياسية التي تموَّلها، ما جعلها أسيرةً مؤدلجة لها، وبلوغها في كثير من الأحيان حد التطرف وإثارة النزعات الطائفية والعنصرية، الأمر الذي شكل خطرا جسيما على الأمن الوطني ككل.
ويشهد الإعلام العراقي فوضى مكملة لفوضى الوضع العام، وبحسب إحصائيات عام 2022 تبث في العراق 57 قناة تلفزيونية عراقية مرخصة، إضافة الى 152 وسيلة إذاعية ، وأكثر من 60 مكتبا خارجيا لقنوات موجهة الى العراق، اغلبها تفتقر للوسطية في الطرح وتلتزم بسياسة الممول حسب. وكثير منها تعود الى اتحاد التلفزيونات والإذاعات الإسلامية التي تلتزم نهجا محددا غير مهني في الغالب.
قبل التغيير في 2003 كان الإعلام يقدم من جهة واحدة باتجاه الجمهور، أما الآن فتلعب وسائل التواصل الاجتماعي ادوارا مختلفة، أصبح فيها المرسل هو المستقبل نفسه بلا حدود أو رقابة.
ولعل من بين الحلول المرتقبة التي طالبت بها مديرة الجلسة الأستاذة تيما رضا ، هي ضرورة تحمل المسؤولية من قبل كافة الأطراف المجتمعية ، بدءا من الإعلاميين أنفسهم وأهمية تزويدهم بدورات تثقيفية وتربوية وإعلامية ولغوية ،وأضفت بدوري في مداخلة أن لا تُعقل مثلا ظاهرة سذاجة المقدمات حصرا واهتمامهن بأشكالهن وملابسهن من دون ثقافة ومعرفة مع تجاوزهن باعتداء سافر على اللغة العربية.
وحين سؤل المحاضران عن دورهما في الإصلاح قالا: ما نحن إلا برغيان صغيران في ماكينة إعلام ضخمة ينبغي إصلاحها.
جدير بالذكر أن معرض الكتاب انطلق تحت شعار " العالم يتكلم كردي" نظرا لاتساع حركة الترجمة الى اللغة الكردية، واحتفاءً باعتمادها ضمن اللغات الأساسية لمحرك البحث العالمي غوغل.