أهل البصرة ومنذ أكثر من ربع قرن يعانون من ارتفاع نسبة الملوحة في شط العرب نتيجة تمدد اللسان الملحي القادم من الخليج بسبب قلة اطلاقات مياه دجلة والفرات التي تصل البصرة وما يعانيه الشط من تراكم الاوساخ وكمية المياه الثقيلة (الآسنة) التي تصبّها قنوات المجاري المفتوحة عليه.
منذ سنوات والأزمة في تفاقم مستمر، ما زاد الطين بلةً في انتشار الاوبئة والامراض الجلدية والتهاب العيون وغيرها!!
منذ سنوات والفلّاحون في البصرة يستغيثون من ملوحة الماء وانعدام الزراعة حيث مات الزرع والنخل واصيبت الحيوانات بأمراض كثيرة ادّت إلى نفوق أغلبها ولا من مغيث يغيثهم أبدا!!
ولم يكف المسؤولون منذ سنوات في اطلاق تصريحاتهم النارية بالوعود والعهود ويحلفون بأغلظ الإيمان أنهم سينهون هذه المعاناة وسيفتحون أبواب الجنة والسعادة لكنّ وعودهم العرقوبية تتبخّر وتتلاشى حال أن يديروا وجوههم نازلين من منصّة الخطابة، أو تنتهي فترة الدعاية الانتخابية ويتربّعوا على الكراسي!!
كم سمعنا من حلٍّ لهذه الأزمة؟! وكم سمعنا انه تم توقيع عقد مع هذه الشركة أو تلك لبناء محطّات تحلية هنا وهناك؟! وكم سمعنا قد جاءت شركة ما لتضع الحجر الأساس لهذه المحطّة وتلك وستنتهي معاناة البصريين؟! لكن لم نرَ فعلاً على أرض الواقع!!
كم كتبنا وتظلّمنا وشكونا وتظاهرنا وراحت أصواتنا وكلماتنا أدراج الرياح، إذ لم يسمعنا أحد من المسؤولين أو يلتفت الينا أحد، أو بالأحرى لا يريدون أن يسمعوا «أبداً وكأن في آذانهم وقراً»!!
يسدّون آذانهم حينما تتحدّث، ولن يقرأوا أي كلمة تكتبها في أي مكان (صحيفة، أو في مواقع التواصل الاجتماعي) لأنهم لا يريدون حلّاً لذلك أبدا!!
وحينما تقترب الانتخابات تجدهم في شغل شاغل هنا وهناك، يمنحون الناس صكوك غفران بالعطايا والهبات وانهم سيجعلون البلاد جنّة زاهية بكل شيء، وسننسى كلمة معاناة ولن نتطرّق لها أبداً، لأننا لم نعد نشعر بأي ضيق ماديّ أو سوء في الخدمات وما إلى ذلك من أمور نسمعها وعوداً منهم، اضافة إلى انشغالاتهم بتسقيط بعضهم البعض إذا اختلفت مصالحهم وتباينت النوايا!!