تبقى منافذ حدودنا عنواناً عريضاً للفوضى والفساد، رغم كل ما أعلنته الحكومة عن إصلاحات وهيكلة وتدابير رقابية. وقد أشّر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني نفسه وجود جهات داخلية وخارجية، لا يروق لها تنظيم هذه المنافذ، ما يعكس حقيقة أن المشكلة أعمق من مجرد إدارية أو تقنية.
ورغم إدخال أنظمة متطورة مثل "الاسيكودا" والحوكمة الإلكترونية، إلا أن الإيرادات لم ترتفع كما كان مأمولاً. فالمنافذ غير الرسمية تعمل بلا ضوابط، فتُفرغ أي إصلاح من محتواه.
الأرقام الرسمية صادمة: نحو 80 بالمائة من السجائر والمعسل والكحول والذهب تدخل البلاد مهرّبةً، مقابل 20بالمائة فقط عبر المنافذ الرسمية. والأخطر أن التهريب لا يقتصر على الكماليات، بل يشمل السلع ذات الكمارك العالية، التي تبقى أسعارها في السوق منخفضة بفضل دخولها عبر “الأبواب الخلفية”.
الأخطر من كل ذلك أن شبكات التهريب ليست مجرد عصابات صغيرة، بل تقف خلفها جهات نافذة داخل الدولة، وشركاء تجاريون مستفيدون من استمرار الوضع. ولهذا فإن أي إصلاحات إدارية أو تقنية تبدو أقرب إلى "الترقيع" منها إلى المعالجة.
والخلاصة هي انه لا إصلاح فعلياً من دون إغلاق المنافذ غير الرسمية، وإنهاء ما يُعرف بـ"الطرق النيسمية"، التي تحولت إلى شرايين مفتوحة لتهريب البضائع ولإفراغ خزينة الدولة من مواردها.