ما إن يعود صوت المحتجين يرتفع وتتوحّد شعاراتهم المطالِبة بالخلاص من منظومة المحاصصة وذيولها، حتى يظهر عجز القوى السياسية الحاكمة عن مواجهة تلك المطالب، فتلجأ إلى أساليب التسويف والمماطلة والى محاولات التشتيت، بدلاً من الاستجابة.
وما ان تخفت حركة الاحتجاج أو يغيب صوتها، حتى تبدأ ما يمكن تسميتها "حفلة شتائم"، يعيد بعض المسؤولين في مجراها ترديد الاتهام التقليدي الهزيل والمتهافت، بأن الانتفاضة "صنيعة للخارج" ومدعومة من سفارات أجنبية.
والسؤال الجوهري هنا هو: إذا كانت هناك تدخلات خارجية بالفعل، فلماذا لم تقم هذه القوى بدورها في تحصين الدولة والمجتمع من تأثيراتها؟ وهل يمكن للطبقة السياسية، وهي الأكثر ارتباطاً بالخارج، أن تتبرأ من تلك التأثيرات؟
ثم تبرز أسئلة أخرى أكثر إلحاحاً: ماذا قدّم المسؤولون لشعبهم الرافض لسلطتهم؟ هل جلبوا له غير الفقر والحرمان ونهب الثروات؟ ولماذا لا يجد المطالبون بحقوقهم ردودا غير العنف والقتل والتغييب والترهيب، كما جرى للمحتجين مؤخراً في ساحة التحرير؟
ستبقى دوافع الاحتجاج قائمة ما بقي الفساد والمحاصصة.
أما محاولات التسخيف أو التشويه فلن تُجدي نفعاً، ذلك أن المطالب الحقيقية لا تسقط بالتجاهل ولا بالتزوير.