اخر الاخبار

قال الحلّاج (ركعتان في العشق، لا يصحّ وضوؤهما إلاّ بالدم) وكان له ما أراد، حيث قدّم دمه قرباناً لمعشوقه!

علاء مشذوب الروائي والأكاديمي الذي قدّم دمه قرباناً لمعشوقته كربلاء، له حكاية أخرى ...

لم أقرأ له سوى ثلاث روايات (آدم ..سامي مور، حمّام اليهودي، جمهورية باب الخان )كان قد أهدى لي الأخيرتين في ملتقى الرواية الثالث في البصرة ، بعد أن قرأ مقالتي عن روايته ( آدم .. سامي مور) التي تتحدث عن مكتبة أثرية تحوي رُقُماً طينية تحكي قصة مدينة، مع منقبين ومهربين وغير ذلك، قال لي حينما أعطاني الروايتين: اقرأ الجمهورية أرجوك، أجبته: حتماً سأقرأها، وبالفعل قرأت (حمّام اليهودي) فوجدته يؤرخ لمدينته شارعاً شارعاً وزقاقاً زقاقاً ومحلةً محلة، كتبت عنها مقالة أعجبته في حينها فقال: انتظرُ ما ستكتبه عن الجمهورية!

في جمهوريته هذه يؤكد على عشقه لمدينته بشكل لا يضاهى، انه يحفر تأريخها على رُقُمٍ طينية يتركها إرثاً للزمن، حيث رسم لوحة عشقٍ لكربلاء لا مثيل لها بنشيد من الكلمات وترنيمة لن تنتهي أبدا، واصلاً بين ماضيها وحاضرها، بين رمال امتزجت بالدماء ثم تكوّرت لتصير طابوقاً وحيطاناً وبيوت وحاراتٍ وعوائلَ وحكاياتٍ وطقوساً لا مثيل لها مؤكدة على ارتباطها الصميمي بالأرض، فهي المدينة التي نهضت مع سمو وشموخ الدماء المسفوكة غدراً وظلماً على أرضها ذات يوم قائظ، لتؤكد انتماءها للدماء أيضاً!

علاء مشذوب روائي وباحث ذاب في هوى معشوقته، راح ينبش كل حجرٍ وشجرٍ وصفحةٍ وكتابٍ وحكاية، يستلّ المعلومة من بين الشفاه ليدوّنها وينفخ فيها الروح كي تكون علامةً لتأريخ مدينته كربلاء، كتب وكتب، وأرّخ وحكا ودوّن، لكنّه ظلّ يشعر بتقصيرٍ تجاه معشوقته المدينة، فكل ما أعطاه لها قليل جداً، لهذا كان عليه أن يُقْتَلَ بدمٍ باردٍ ليرسم دمه لوحة انتماء وعشق حقيقي لكربلاء من خلال معانقته رصيفها البارد ذات مساء حزين!

الرصاصات التي مزّقت صدره، مزّقت تاريخ مدينةٍ مغمساً بالعشق اللامتناهي، لأن القاتل لم يدر بخلده أن ضحيته سيعيش رغم رصاصاته اللعينة وهو الذي سيموت حتماً!

لهذا انطلق علاء بدمه يرسم على إسفلت الشارع نشيده الأزلي لوحات عشق لكربلاء أولاً وللعراق ثانياً وللحرية المغمّسة بالدم ثالثاً!

ولأجل أن يظل حياً بيننا علينا أن نساهم في نشر كل ما كتبه، والتشجيع على قراءة كتبه ومؤلفاته، ومناقشتها في رسائل واطاريح جامعية، وجعله وساما للعشق الأبدي لمدينة تخضّبت بالدماء منذ الأزل وما زالت!

إنها الضريبة التي دفعها الأحرار الأولون، كما دفعها علاء كي يؤكد كل ما كتبه في حق مدينة عشقه، وسجل كل دقائقها قصصا وروايات!

علاء مشذوب أيقونة عشق تخضبت بالدم لتظل حيّة تنبض بالمحبة إلى الأبد!

عرض مقالات: