يمثل احتفاء الشيوعيين وأصدقائهم وسائر قوى الخير والحرية في بلادنا، بالعيد التاسع والثمانين للصحافة الشيوعية العراقية، وقفة وفاء لمسيرة مشرقة، عُمّدت بالتضحيات الجسام، دفاعاً عن إستقلال الوطن وسيادته وحريته وعن سعادة شعبه، ومن أجل إنتزاع حقوق الشغيلة والكادحين، وتأمين المطامح القومية العادلة للشعب الكردي ولكل القوميات المتآخية الأخرى، ولرفع الظلم عن المرأة وضمان مساواتها بالرجل. مسيرة لم تتوقف أو تنكفئ، لم تخنع أو تساوم، حتى باتت إيقونة للتواصل والعناد الثوري، دفاعاً عن العدل والحرية وعن كل ما يصون آدمية البشر.
فلم يكن قد مضى على ولادة حزبنا، الحزب الشيوعي العراقي، سوى عام واحد، حتى تبنى الرفاق الأوائل اصدار أول صحيفة عراقية شيوعية «كفاح الشعب» في 31 تموز 1935، والتي جرت طباعتها سرا في أقبية مستشفى السكك الحديد في منطقة الكرخ، وقدمت نفسها كلسان حال الحزب، وأداة فاعلة لتوطيد وحدته ولتعبئة جماهير الشعب في النضال لتحقيق اهدافها الوطنية والاجتماعية.
وحين شنت السلطات التابعة للمستعمر البريطاني هجمة القمع الشرسة على الحزب، واستشهدت صحيفته السرية الأولى، ولدت «الشرارة» في نهاية 1940، وبعدها «القاعدة» في مطلع العام 1943، ثم «اتحاد الشعب» في عام 1956 وأخيراً «طريق الشعب» في عام 1961.
واصدر الحزب، بالإضافة لصحفه المركزية هذه، عشرات الصحف والمجلات الاخرى مثل العمل، النجمة، الاتحاد، الأساس، شورش، العصبة، السجين الثوري، كفاح السجين الثوري، الفكر الجديد، آزادي، ريكاي كردستان، نهج الإنصار، والكثير غيرها، والتي دأبت كلها على قراءة الواقع وإعمال العقل فيه، وخلق علاقة متميزة مع الناس، وشكّلت نسغأ من الطاقة الإيجابية والثقة، زودت به الجماهير صحافتنا بالمواد وبشبكة من المتطوعين وبالقدرة على الصمود والتقدم، مقابل تنمية وترسيخ الوعي الوطني والطبقي، بما يمكّن الشعب من إدراك سبل الخلاص من التبعية والإستغلال والتمييز والظلم والعبودية.
واليوم، إذ تواصل صحافتنا الورقية والإلكترونية وكل أدواتنا الإعلامية، ذات المسار العذب رغم صعوباته، فإنهأ تؤكد قيمها الأصيلة في تبني المشروع الوطني الديمقراطي، والدفاع عن خلو أرض الوطن من أي تواجد عسكري أجنبي، وعن حرية الشعب وحقه في التمتع بثروات بلاده، وخلاصه من التمزق والإستقطابات الطائفية والإثنية، ومن ويلات الإرهاب وطغيان الفاسدين ومن الجوع والتخلف، وتمكينه من الحصول على الخدمات الأساسية وعلى العيش الكريم، وامتلاك القرار الوطني المستقل. ويحرص اعلامنا على الصدقية والمهنية والجرأة وتقصي الحقيقة وايصالها الى الرأي العام، بلغة وخطاب وآليات بسيطة، واضحة، مفهومة ومتاحة للجميع. ويعمل ايضاً على فضح المآسي التي جلبها نهج المحاصصة للبلاد، والنضال لدحر منظومة حكمه المتنفذة واحلال دولة مدنية ديمقراطية محلها، دولة تحترم الحريات وتكافح البطالة والفقر وتطلق تنمية مستدامة وتوفر فرص عمل حقيقية، وتتبنى سياسات اقتصادية ومالية سليمة، تُستثمر فيها طاقات الشباب ويُكافح عبرها الفساد ويعاد بها توزيع الثروة بعدالة تضمن مستويات معيشية مناسبة للمواطنين.
كما يكافح اعلامنا من أجل إحداث تغييرات اجتماعية، تؤمن حقوق الإنسان والمساواة للنساء وتكافح فيها الأمية ويجتث فيها العنف الأسري وافكار التطرف والكراهية والشوفينية والعنصرية والتعصب.
وفيما يواصل إعلامنا كفاحه من اجل التحديث والتنوير ورفع الوعي والتبشير بالفكر الاشتراكي والمثل الإنسانية وقيم الديمقراطية الحقة ودعم الثقافة الوطنية كرافعة ضد التخلف وفي سبيل التقدم الاجتماعي، يرفع صوته عالياً تضامناً مع الشعوب المكافحة في كل مكان، ولاسيما في الدول العربية الشقيقة وفي مقدمتها شعب فلسطين، ومع كل الأحزاب الشيوعية والعمالية واليسارية والتقدمية والوطنية والمدافعين عن البيئة والعدل والسلام في العالم.
اليوم، وكما في مثل هذا اليوم من كل عام، إذ يتوهج نقياً عيد الصحافة الشيوعية العراقية، ننحني لشهدائها الأماجد ولدمائهم الغالية، ونضع وروداً حمراء على قبورهم، وفاءً وعهداً على مواصلة المسار، ونتقدم بالتهاني لكل من ساهم ويساهم في وجودها واستمرارها ونجاحها.