يستقبل العراقيون كلّ عام شهرَ رمضان وسط ارتفاع ملحوظ في أسعار اللحوم والمواد الغذائية والخضراوات، الأمر الذي يلقي بظلاله على الأحوال المعيشية في بلد يقع 10 ملايين مواطن من أبنائه تحت خط الفقر، برغم امتلاكه ثروات طبيعية لا يمتلكها بلد آخر.

ومع وصول سعر كيلو اللحم إلى أكثر من 22 ألف دينار والدجاج إلى 13 ألف دينار والسمك إلى 8 آلاف للكيلو الواحد، تدعو الحاجة إلى التدخل الحكومي في سبيل السيطرة على الأسعار.

وأكد الخبير الزراعي والمتحدث السابق باسم وزارة الزراعة حميد النايف، أن البلاد تشهد لأول مرة ارتفاعًا متسارعًا غير مسبوق في أسعار اللحوم، مشيرًا إلى أن هذا الارتفاع لا يرتبط بشهر رمضان كما يُعتقد، بل يعود إلى أسباب أعمق وأكثر تعقيدًا.

وأوضح النايف، أن «عدم الاهتمام بالثروة الحيوانية» يقف خلف هذه الزيادة الحادة في الأسعار، مُلقيًا الضوء على قرارات الحكومة السابقة برئاسة الكاظمي التي أثرت سلبًا على القطاع. وأبرز هذه القرارات، رفع الدعم عن الشعير، العلف الرئيس للثروة الحيوانية، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتالي أسعار اللحوم في الأسواق.

وأضاف النايف، أن «ارتفاع أسعار الأعلاف قد دفع مربي الدواجن إلى زيادة أسعار منتجاتهم، ما أسهم في تناقص الثروة الحيوانية بشكل تدريجي»، مشيرا إلى أن «القرارات السابقة لا تزال قائمة دون تعديل، مما يُعمق من الأزمة الراهنة».

وتطرق المتحدث إلى «قلة الدعم المقدم لمربي الثروة الحيوانية والدواجن كعامل آخر يُسهم في الارتفاع المستمر للأسعار، حتى مع الاستيراد»، مؤكدًا أن «الرقابة على الأسعار غير كافية».

وطالب النايف بـ»ضرورة إيجاد استدامة للثروة الحيوانية من خلال توفير الدعم الكافي والأيدي العاملة الماهرة. كذلك من خلال تطبيق قرارات حازمة ومهمة»، مشددا على «أهمية تسليط الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار ومنع استغلال التجار الجشعين للمواطنين».

وكانت وزارة الزراعة، قد اعلنت عن إجراءات مكثفة، من بينها استيراد 65 ألف رأس من الماشية، بهدف السيطرة على الأسعار في ظل اقتراب حلول شهر رمضان، فيما أكدت أن هذه الإجراءات من شأنها أن تسهم في توفير لحوم بأسعار معقولة للمواطنين.

وذكر وليد محمد رزوقي، مدير عام دائرة الثروة الحيوانية في الوزارة، أن الأسواق المحلية شهدت ارتفاعا في أسعار اللحوم الحمراء خلال الفترة الماضية، حيث وصل سعر الكيلوغرام من لحم الغنم إلى 23 ألف دينار ولحم البقر إلى 20 ألف دينار.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف كان له تأثير كبير على تكاليف تربية الماشية، وهو ما دفع بعض مربي الماشية إلى زيادة أسعار اللحوم، مؤكدا أن الوزارة اتخذت إجراءات لتخفيض هذه الأسعار، منها السماح بإدخال 65 ألف رأس من الماشية من دول مختلفة، بما في ذلك البرازيل، بهدف توفير لحوم بجودة عالية وأسعار مناسبة.

ولفت رزوقي، إلى أنه تم تخفيض الرسوم الجمركية لاستيراد لحوم الأغنام والعجول الحية بنسبة 50 بالمئة، وتسهيل إجراءات الاستيراد، بهدف تشجيع الاستثمار في مجال الثروة الحيوانية وتسهيل نقل الماشية بين المحافظات، متوقعا أن يصل سعر الكيلوغرام الواحد من اللحم إلى ما بين 12 إلى 15 ألف دينار في الأيام القليلة القادمة، مع توفر المزيد من الماشية والعجول في الأسواق.

وأشار المواطن نصير عباس إلى أن «الأسعار مستمرة في الارتفاع، ونتمنى أن تفي الحكومة بوعدها وأن لا يصبح سعر اللحوم مثل سعر صرف الدولار، ويفرض كواقع حال على الفقراء والمحرومين»، مشيرا إلى أن «ارتفاع الأسعار لا يمكن تحمله على الإطلاق في ظل الأوضاع الحالية».