تعاني منطقة الوشاش، إحدى أعرق مناطق جانب الكرخ من بغداد، تدهورا واضحا متواصلا في مختلف القطاعات الخدمية: النظافة، البنى التحتية، الصحة، البيئة، الكهرباء وغيرها. وبالرغم من مرور سنوات طويلة على هذا الحال الخدمي البائس، لم يلمس الأهالي أي بادرة حكومية جادة لتأهيل منطقتهم ورفدها باحتياجاتها الخدمية الأساسية المطلوبة، وبالتالي انهاء تلك المعاناة التي طال أمدها.
وتحيط الوشاش أربعُ مناطق، هي: علي الصالح شمالا، الإسكان غربا، حي العربي في المنصور جنوبا والبيجية شرقا، ما يعني انها في قلب الكرخ. فيما تضم المنطقة أربع مناطق رئيسة، هي: الوشاش الصغيرة وتسمى “العتيكة”، السوق الشعبي “سوق مفتن”، منطقة الحكام والوشاش الجديدة.
ولا يوجد في الوشاش التي تمتاز بتقادم منازلها، سوى شارع رئيس واحد، للدخول إليها والخروج منها، وهو ضيّق ومزدحم باستمرار بالسيارات والستوتات. بينما اختفت أرصفته الصغيرة تحت بضائع أصحاب المحال التجارية وكراسي وطاولات المطاعم والمقاهي الشعبية!
غالبية سكان الوشاش من الفقراء والمعدمين والكسبة وذوي الدخل المحدود.
فيما يعاني الكثيرون من الشباب، البطالة، الأمر الذي يجعل المنطقة مظلومة من الناحية المعيشية، إضافة للخدمية!
أكوام النفايات مشاهد مألوفة!
المواطن طارش محمود، يتحدث لـ”طريق الشعب” عن مشكلة ضعف خدمات النظافة في الوشاش.
ويوضح أن النفايات تتراكم في الأزقة الفرعية وعلى الشارع الرئيس ورصيفيه، بشكل لافت للنظر، مرجعا الأمر إلى نقص حاويات جمع النفايات.
ويتابع قوله أن “الوشاش تزورها كابسة واحدة يوميا، تدخل إلى المنطقة في الساعة السادسة صباحا، وتسير مسرعة. لذلك لن يتمكن المواطن من اللحاق بها لتسليمها نفاياته المنزلية، وبالتالي يضطر إلى رميها في الطرقات”. ويؤكد محمود أن أزمة النظافة أضرت كثيرا بواقعيهم البيئي والصحي.
المركز الصحي.. منزل!
يتحدث المواطن سيد محمد، أحد أبناء الوشاش، عن الواقع الصحي في منطقتهم، مشيرا إلى انه ليس بالمستوى المطلوب “حيث يوجد مركز صحي واحد لا يغطي حاجة المنطقة نظرا لكثافتها السكانية العالية، الأمر الذي يضطر الكثيرين من المواطنين لمراجعة المركز الصحي في منطقة دور السود، أو مستشفى الطفل في الإسكان، وهما بعيدان عن المنطقة”.
ويلفت المواطن في حديث لـ”طريق الشعب”، إلى أن مركزهم الصحي لا يبدو أبدا مركزا صحيا. إذ يشغل منزلا تم استئجاره مقابل بدل إيجار شهري، منذ أن هُدمت بنايته قبل 7 سنوات لغرض إنشاء أخرى جديدة!
ويؤكد أن ما يُطلق عليه “مركز صحي” يعاني شح العلاجات، لا سيما أدوية الأمراض المزمنة، ويفتقر لأجهزة الفحص الطبي، كالأشعة والسونار، فضلا عن الكثير من الفحوص المختبرية، الأمر الذي يضطر المرضى إلى الاعتماد على الصيدليات والمختبرات الخاصة، ما يحمّلهم مبالغ طائلة، وهم في معظمهم فقراء وذوو دخل محدود.
مكبات نفايات بدلا من الحدائق!
يذكر سيد محمد أن الوشاش تضم مساحات فارغة واسعة محاذية لمنطقة البيجية، بدلا من تحويلها إلى حدائق أو أماكن ترفيهية، أصبحت مكبات للنفايات، مبينا أن أصحاب الستوتات الذين يعملون في جمع النفايات، يفرغون أحمالهم في تلك الساحات، ليأتي بعدهم “النباشة” فيعبثون فيها بحثا عن معادن ومواد قابلة للبيع، ما يتسبب في تلوث بيئي وأضرار صحية خطيرة.
ويؤكد أن الوشاش تخلو من أي متنفس للعائلات وأطفالها، كالحدائق العامة والمتنزهات وما إلى ذلك.
جشع أصحاب المولدات معاناة أخرى!
يشكو المواطن عبد الله جاسم، من جشع العديد من أصحاب المولدات في الوشاش، مبينا لـ”طريق الشعب”، أنه “بسبب تدهور التيار الكهربائي، أصبحنا تحت رحمة الجشعين والانتهازيين من أصحاب المولدات”.
ويوضح أن “الدولة حددت سعر الأمبير للخط الذهبي بـ12 ألف دينار، وللخط العادي بـ8 آلاف دينار، في حين عمد أصحاب المولدات إلى تحديد التسعيرة بين 18 و20 ألف دينار للأمبير الواحد، وذلك في ظل غياب الرقابة الحكومية”.
وفي السياق، يتحدث محمد حسن علي، وهو صاحب محل لكيّ الملابس، عن اتفاقات تُبرم بين أصحاب مولدات وجهات رقابية، فضلا عما أسماه “المجلس العشائري”، مبينا لـ”طريق الشعب”، أن “هذه الاتفاقات يجري وفقها تحديد سعر الأمبير مخالفا للتسعيرة المقرة من قبل لجنة النفط والغاز البرلمانية”.
ويضيف قائلا أن الاتفاقات تحدد أيضا أوقات تجهيز الكهرباء الوطنية وقطعها، بالشكل الذي يجعل أصحاب المحال بحاجة دوما إلى المولدات الأهلية”!
ويؤكد علي ان الأهالي قدموا شكاوى عديدة ضد أصحاب المولدات المخالفين، لكن دون جدوى!
الفساد أس البلاء!
إلى ذلك، يرى علي كاظم، وهو صاحب ورشة خياطة في الوشاش، أن معاناة الناس في منطقته وغيرها من المناطق، سببها الأساس “استشراء الفساد والطمع والجشع والاستغلال، في ظل ضعف إجراءات الدولة، وعدم مقدرتها على محاسبة من يستغل المواطن”.
ويضيف لـ”طريق الشعب” قائلا أن “شكاوى الناس لا تجد آذانا صاغية. إذ ان المواطن لا يعلم إلى أي جهة حكومية يلجأ. فالغالبية غارقة في الفساد المالي والإداري”!
وعبر “طريق الشعب”، يناشد الكثيرون من أهالي الوشاش، الجهات المعنية النظر إلى حال منطقتهم “المظلومة”، ومعالجة مشكلاتها الخدمية والتخفيف من معاناتهم.