شهدت العديد من المدن العراقية خلال اليومين الماضين، سلسلة من الاحتجاجات التي نظمها مختلف فئات المجتمع، للمطالبة بحقوقهم المشروعة في مواجهة مشكلات تؤثر على حياتهم اليومية.
وجاءت هذه الاحتجاجات نتيجة لتراكم الأزمات الاقتصادية وتأثيرها على مختلف القطاعات، بدءاً من الأطباء، وصولاً إلى المقاولين وسائقي الشاحنات وأصحاب الشركات.
إضراب للأطباء
وأطلق المئات من الأطباء الدوريين المعينين حديثاً من دورة 2023 في محافظة نينوى إضراباً شاملاً عن العمل، بعد تنظيمهم وقفة احتجاجية للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة منذ ثلاثة أشهر.
وقال الأطباء المشاركون في الإضراب، إنهم لم يتلقوا مستحقاتهم المالية الشهرية منذ أكثر من ثلاثة أشهر، على الرغم من الوعود المتكررة التي لم تتحقق.
وذكروا أن جميع زملائهم في باقي المحافظات قد استلموا مستحقاتهم دون أي تأخير، بينما مازالوا يواجهون نقصاً في التمويل، ما دفعهم لتنفيذ الإضراب.
وقالت نور الهدى فاضل، طبيبة دورية من دفعة 2023: "نحن أكثر من 400 طبيب دوري ما زلنا دون مستحقات مالية، وتلقينا الكثير من الوعود ولكن دون جدوى. باقي الأطباء في المحافظات الأخرى استلموا رواتبهم في الوقت المحدد، بينما نحن في نينوى لم نعرف السبب وراء التأخير". من جانبه، طالب فلاح صالح، تقني تخدير، نواب نينوى بالتحرك والضغط على وزارة المالية لإطلاق رواتبهم المتأخرة، قائلاً: "أين نواب نينوى؟ نراهم يظهرون في الانتخابات فقط، وعليهم الآن الضغط على وزارتي الصحة والمالية لحل هذه الأزمة". من جهته، أكد عبد الرزاق الحجار، طبيب مشارك في الإضراب: "خرجنا في هذا الإضراب بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي نواجهها دون رواتب. هدفنا ليس الإضرار بحياة الناس، بل المطالبة بحقوقنا المشروعة، ومع ذلك تم سد النقص من قبل الأطباء القدامى للحالات الطارئة، ولكن الحالات غير الطارئة ستظل بلا معالجة بسبب الإضراب".
تظاهرة للمقاولين
ونظم عدد كبير من المقاولين، تظاهرة حاشدة في العاصمة بغداد للمطالبة بمستحقاتهم المالية المتأخرة عن المشاريع التي تم إنجازها منذ أشهر، حيث أكدوا أنهم لم يتلقوا مستحقاتهم المالية منذ أكثر من أربعة أشهر، ما أثر بشكل كبير على أوضاعهم المالية.
وأشار المقاولون المتظاهرون إلى أن التأخير في دفع المستحقات المالية تسبب في مشاكل مالية كبيرة لديهم، الأمر الذي أدى إلى تعطيل العديد من المشاريع المستقبلية وتأثر العاملين معهم بشكل مباشر. وأوضحوا أن التحديات الاقتصادية وتكاليف المشاريع تزداد في ظل التأخير المستمر في دفع المستحقات، مما يهدد استمرارية العديد من الشركات في القطاع.
وأكد أحد المقاولين المشاركين في الاحتجاج قائلاً: "لقد أكملنا أعمالنا في الوقت المحدد، ولكننا لم نتلقَ مستحقاتنا منذ أربعة أشهر. نحن نطالب الحكومة بتسديد المبالغ المستحقة علينا، خاصة وأننا قدمنا الخدمات اللازمة لمشاريع مهمة". وأضاف آخر: "نحن نطالب الجهات المعنية بتحرك عاجل لحل هذه المشكلة، لأن الوضع أصبح لا يُطاق، والعديد من المقاولين يواجهون صعوبات في دفع مستحقات العمال وشراء المواد اللازمة لاستكمال المشاريع".
احتجاج للسائقين
ونظم العشرات من سائقي الشاحنات في محافظة السليمانية، وقفة احتجاجية للتعبير عن معاناتهم بسبب التمييز والضغوط الاقتصادية التي يواجهونها أثناء عملهم في المنافذ الحدودية.
وأشار المحتجون إلى أنهم يعانون من الرسوم المرتفعة والتعامل غير المتكافئ مقارنة بسائقي الشاحنات الإيرانيين، ما يؤثر بشكل مباشر على مصدر رزقهم وأوضاعهم المعيشية.
وقال أحد السائقين المشاركين في الاحتجاجات: ان "الهدف من هذه الوقفة هو إيصال صوتنا للجهات المسؤولة، لكن للأسف، لم نجد أي استجابة لهذه المشكلة، ولم تُقدّم أي حلول لمعالجتها".
وأضاف ان "العديد من الشحنات المتجهة إلى إيران تُخصص فقط للشاحنات الإيرانية، بينما تُفرض رسومًا أعلى على الشاحنات العراقية، ما يسبب لنا ضغوطًا اقتصادية كبيرة ويؤدي إلى خسائر فادحة في عملنا".
وأشار السائق إلى أن التمييز لا يتوقف عند الرسوم، بل يمتد إلى مزايا التعويضات، حيث قال: "السائقون الإيرانيون يحصلون على تعويضات ومزايا عند وقوع الحوادث، بينما لا يحصل السائقون العراقيون على أي دعم أو تعويض في حال تعرضهم لحوادث أو خسائر". وأضاف: "إذا تعرضت مركبة إيرانية لحادث، يتم تعويضها، لكن إذا كان الحادث في مركبة عراقية أو كان هناك ضحايا، فلا أحد يهتم". وطالب السائق السلطات المعنية بالتدخل العاجل لمعالجة هذه القضية وضمان العدالة والمساواة في التعامل مع سائقي الشاحنات العراقيين والإيرانيين.
أصحاب شركات السفر يعترضون
ونظم أصحاب شركات الحج والعمرة في محافظة كركوك وقفة احتجاجية أمام مطار كركوك الدولي، بعد إلغاء حوالي 25 رحلة للخطوط الجوية العراقية إلى السعودية، وهو ما وصفوه بـ"القرار المجحف" الذي سيتسبب في خسائر كبيرة للشركات والمعتمرين.
وقال حاج يشار كولشه، صاحب إحدى الشركات: "نحن هنا للاحتجاج على إيقاف رحلات المعتمرين من مطار كركوك الدولي، رغم أن المطار جاهز لاستقبال المسافرين، ولا يوجد سبب منطقي لإيقاف الرحلات، بينما توجد رحلات إلى دول أخرى مثل تركيا. نحن نطالب بحق أهالي كركوك في السفر مثلهم مثل باقي المحافظات، وإذا لم يتم حل المشكلة، سنلجأ إلى قطع الشارع ووقف عمل المطار".
وفي السياق نفسه، قال علي شاكر، صاحب شركة سفر آخر: "تم إلغاء حوالي 20-25 رحلة عمرة، وقد تم قطع التذاكر وحجز الفنادق وتكاليف الإقامة للمعتمرين. إذا لم تجد الجهات المعنية حلاً سريعاً، فسيكون هناك كارثة كبيرة، وسيتكبد المعتمرون والشركات خسائر ضخمة".
الكلاب السائبة تهدد الأطفال
ونفذ عدد من الناشطين والمعلمين وقفة احتجاجية أمام قائمقامية كركوك، مطالبين بمكافحة ظاهرة الكلاب السائبة التي تهدد حياة المواطنين، خاصة بعد الحادث المؤسف الذي أدى إلى وفاة طفل في إحدى مناطق المدينة.
وقالت جيهان دار، ناشطة في المجال الاجتماعي: "تجمعنا بسبب وجود الكلاب السائبة في المناطق السكنية، خصوصاً في ساعات الليل. قبل يومين، تعرض طفل في مرحلة الابتدائية لهجوم من مجموعة من الكلاب أثناء ذهابه إلى المدرسة، ما أدى إلى وفاته"، مطالبة بإيجاد حل لهذه الظاهرة، مثل إنشاء مأوى للكلاب لكي لا تشكل تهديداً للمواطنين.
فيما قال محمد جليل، معلم في إحدى مدارس المدينة: "هذه الحوادث تتكرر بشكل مقلق. هذه هي الحادثة الثانية التي تؤدي إلى وفاة طفل بسبب هجوم الكلاب السائبة".