شهدت عدة محافظات موجة من الاحتجاجات الشعبية التي عبّرت عن استياء المواطنين من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وعدم استجابة الجهات المعنية لمطالبهم المشروعة.
من نينوى إلى المثنى وذي قار والسليمانية، خرج المحتجون إلى الشوارع مطالبين بتحسين الخدمات وحل الأزمات المتفاقمة التي تهدد مستقبلهم ومصادر حياتهم.
مزارعو نينوى
ونظّم مزارعو ناحية ربيعة غربي محافظة نينوى، وقفة احتجاجية احتجاجًا على قرار إيقاف ضخ المياه في مشروع ري الجزيرة الشمالي. وعبّر المحتجون عن مخاوفهم من تداعيات القرار، محذرين من كارثة اقتصادية ستضرب المنطقة وتؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية.
وناشد المزارعون الجهات المعنية بالتدخل العاجل لضمان استمرارية المشروع، مؤكدين أن توقفه سيؤدي إلى أزمة حادة تهدد مستقبل المنطقة.
وذكر المحتجون أنهم استثمروا كميات كبيرة من الحنطة والبطاطا بملايين الدنانير العراقية، والتي تم استيرادها خصيصًا لاستثمار الأرض وزراعتها في مواسمها المناسبة، مؤكدين أن إيقاف المشروع سيؤدي إلى خسائر جسيمة حيث يعتمدون بشكل رئيس على المياه لري محاصيلهم.
وأضافوا، أن آلاف العوائل التي تعتمد على الزراعة كمصدر دخل رئيس ستتأثر بشكل بالغ جراء توقف ضخ المياه في المشروع، ما يهدد بتدمير القطاع الزراعي في المنطقة.
احتجاج في المثنى
وفي سياق متصل، شهدت محافظة المثنى مجموعة من الاحتجاجات، حيث تجمع عدد من سكان إحدى مناطق 22 والمنتجات النفطية اعتراضًا على نصب برج للاتصالات وسط مساكنهم.
وعبّر المحتجون عن مخاوفهم من الآثار الصحية والبيئية التي قد تنجم عن المشروع، مطالبين الجهات المعنية بالتدخل لإيقافه أو نقله إلى موقع بعيد عن المناطق السكنية.
فيما نظم عدد من خريجي المحافظة الذين لم تشملهم الدرجات الوظيفية (العقود) سابقًا، وقفة احتجاجية أمام مجلس المحافظة. وطالبوا بسرعة تنفيذ الإجراءات الخاصة بشمولهم بالتعيينات، مؤكدين أنهم سيواصلون احتجاجاتهم حتى تحقيق مطالبهم المشروعة.
من جهة أخرى، تظاهر العشرات من أبناء عشيرة "النويصرات" في قضاء الخضر، مطالبين بتحسين الخدمات وتنفيذ الوعود الحكومية. واحتشد المتظاهرون أمام مبنى قائمقامية القضاء، مطالبين بتلبية احتياجاتهم الأساسية، محذرين من تصعيد احتجاجاتهم في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.
أصحاب المولدات
كما تظاهر العشرات من أصحاب مولدات الكهرباء الأهلية في محافظة ذي قار احتجاجًا على الضرائب والرسوم التي فرضتها دائرة البلدية عليهم. وأوضح أحد المتظاهرين أن البلدية طالبتهم بمبالغ كبيرة تتجاوز الملايين كأجور تنظيفات ورسوم عمل بأثر رجعي لعدة سنوات، ما أثقل كاهلهم وأدى إلى صعوبة الاستمرار في العمل.
وأشار المتظاهرون إلى أنهم يواصلون توفير التيار الكهربائي للمواطنين مقابل الحصول على كميات قليلة من الوقود المدعوم، في ظل استمرار انقطاعات الكهرباء الوطنية. وطالبوا الجهات الحكومية بضرورة الالتفات إلى معاناتهم، وإعفائهم من الضرائب الجديدة، وتوفير الوقود الكافي لهم لاستمرار عملهم وتلبية احتياجات المواطنين.
تطورات اضراب السليمانية
وفي محافظة السليمانية، قرر المحتجون المضربون عن الطعام تعليق إضرابهم بعد تدهور حالتهم الصحية، بناءً على تقارير اللجان الطبية التي استدعت نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج. وقال محمد أحمد، أحد المشاركين في الاحتجاج: إن "تعليق الإضراب لا يعني إنهاء الحراك، بل هو خطوة جديدة نحو تصعيد الاحتجاجات بطرق سلمية أخرى".
وأضاف أحمد، أن المحتجين سيواصلون تنظيم المظاهرات والوقفات الاحتجاجية لتحقيق مطالبهم المشروعة، مؤكدًا أن حقوقهم لا يمكن تجاهلها أو تأجيلها.
وكانت الأيام الماضية قد شهدت تضامنًا شعبيًا واسعًا مع المحتجين، الذين استخدموا الإضراب عن الطعام للضغط على حكومة إقليم كردستان من أجل صرف رواتبهم المدخرة وحل الإشكالات المالية بين بغداد وأربيل، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. ومع تعليق الإضراب، يخطط المحتجون في السليمانية للعودة إلى الفعاليات السلمية خلال الأيام المقبلة، في رسالة واضحة على استمرار نضالهم حتى تحقيق مطالبهم.
وفي سياق متصل، شهدت مدينة السليمانية إغلاق عدد من المحال التجارية مؤقتًا لمدة ساعة، تضامنًا مع المعتصمين والمحتجين من المعلمين والتدريسيين والموظفين الذين يطالبون بتحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية.
وقال كاميران أحمد، أحد أصحاب المحال المشاركة، إن هذه الخطوة تهدف إلى إظهار التضامن مع المضربين عن الطعام في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، مشيرا إلى أن الأزمة الاقتصادية المستمرة قد أثرت سلبًا على مختلف القطاعات، بما في ذلك التجارة، نتيجة لتأخير صرف الرواتب بسبب الخلافات المستمرة بين بغداد وأربيل. ودعا أحمد الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم إلى "إيجاد حلول جذرية للأزمة بعيدًا عن الاتفاقيات التي لم تثمر عن نتائج ملموسة".