اخر الاخبار

داهمت الأوبئة والفيروسات المواشي العراقية، بشكل مفاجئ، لتفتك بالجواميس والأبقار، التي يقف مربوها مكتوفي الأيدي أمام آليات البلدية وهي ترفع يوميا حيواناتهم النافقة.

وبين الاشتباه بالإصابة بالحمى القلاعية أو الطاعون البقري، أخذ المرض يتنقل بأريحية بين مراعي الجاموس في بغداد والمحافظات.

ففي بغداد تركزت البؤر الوبائية في مناطق النهروان والفضيلية وحي الوحدة. وتوالت الأخبار بشأن إصابات مشابهة في محافظات نينوى وبابل وذي قار وواسط والبصرة.

الزراعة تنفي استيراد شحنة موبوءة

المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي قال إن "الإصابات تركزت في بعض البؤر الوبائية في مناطق النهروان والفضيلية وحي الوحدة بمحافظة بغداد"، مشيرًا إلى أن "دائرة البيطرة والجهات الساندة استنفرت جهودها منذ اللحظات الأولى لاحتواء انتشار المرض واتخاذ الإجراءات المناسبة للقضاء عليه."

وأوضح الخزاعي، أن "المبيدات الخاصة بمعالجة المرض متوفرة في المستشفيات والعيادات البيطرية في جميع المحافظات"، لافتًا إلى أن "الوزارة فرضت حظرًا على انتقال المواشي من وإلى بغداد وبين المناطق المصابة داخل المحافظة، ضمن إجراءات السيطرة على تفشي المرض".

ونفى الخزاعي صحة الأنباء التي تتحدث عن أن "استيراد مواشي مصابة هو السبب وراء تفشي الحمى القلاعية"، مؤكدًا أن "المواشي المستوردة تخضع لسلسلة من الفحوصات المشددة منذ لحظة خروجها من بلد المنشأ، مرورًا بنقلها عبر البواخر، وحتى وصولها إلى الموانئ العراقية، حيث تتم مراقبتها والتأكد من خلوها من أية أمراض وبائية".

تجاهل تحذيرات المختصين

من جهته، أكد الطبيب البيطري سلام الزهيري، أن انتشار هذه الأمراض قد يكون مرتبطًا بالاستيراد العشوائي للعجول من دول تعاني من انتشار الأوبئة الحيوانية مثل بعض دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا والهند.

وأشار في حديث لـ"طريق الشعب"، إلى "وجود اعتراضات سابقة من قبل المختصين في المحاجر البيطرية على دخول مثل هذه الحيوانات إلى العراق بسبب الاشتباه بإصابتها، إلا أنه تم السماح باستيرادها رغم تلك التحذيرات"، مبينا أن "بعض الأمراض الفيروسية تُعد مشتركة بين الإنسان والحيوان مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انتشارها".

ودعا الزهيري الحكومة الاتحادية ووزارة الزراعة والجهات البيطرية إلى اتخاذ سلسلة من التدابير العاجلة، من بينها الإعلان بشفافية عن طبيعة هذه الأمراض وأسبابها وتأثيرها، عبر تشكيل لجنة تحقيقية تضم متخصصين من وزارتي الزراعة والصحة ونقابة الأطباء البيطريين والمهندسين الزراعيين ومحاسبة الجهات المتورطة في استيراد الحيوانات المصابة، إضافة إلى إيقاف ذبح الحيوانات المستوردة حتى يتم التأكد من خلوها من الأمراض، وفرض رقابة صارمة على جميع المجازر في البلاد ومنع الذبح العشوائي في محلات بيع اللحوم والمناطق السكنية".

وشدد الزهيري على "ضرورة تفعيل عمل فرق تفتيش مدعومة من القوى الأمنية وحظر نقل الحيوانات من بغداد إلى باقي المحافظات، لحين السيطرة على انتشار المرض، وإيقاف استيراد اللحوم والحيوانات الحية حتى انتهاء الأزمة والسيطرة على الإصابات".

وطالب الزهيري بـ"تعويض المربين عن الخسائر التي تكبدوها جراء نفوق حيواناتهم، بسبب الأمراض المعدية، إلى جانب توفير العلاجات واللقاحات اللازمة مع تنظيم حملات توعية وإرشاد للمربين في الأرياف حول كيفية التعامل مع الأمراض المعدية وإدارتها".

وطبقا للزهيري، فإن من أعراض تناول الإنسان لحوم المواشي الموبوءة، الإصابة بالتسمم والإسهال.

ومع استمرار تفشي الفيروس، يواجه مربو الجاموس مشكلة التخلص من المواشي النافقة، حيث يلجأ بعضهم إلى رمي الحيوانات النافقة على الطرقات العامة، مما يزيد من خطر انتشار العدوى، بينما تقوم فرق البلدية والبيطرة بجمع هذه الجثث وإتلافها، إلا أن تأخر عمليات الإزالة يجعل المنطقة مهددة بانتشار الأوبئة والأمراض.

المربون يلومون الحكومة

مربي الجاموس احمد العكيلي، القى باللوم على الجهات الحكومية في نفوق الحيوانات، معتقدا أن الوباء انتقل الى المراعي العراقية عبر شحنة أبقار مستوردة من دول أجنبية، مشيرا الى ان خسائرهم تجاوزت مليارات الدنانير.

وقال العكيلي لمراسل "طريق الشعب"، ان رأس الجاموس يبلغ سعره 8 ملايين دينار، وقد نفقت لديه أكثر من 20 رأس جاموس.

فيما وجه وزير الزراعة عباس المالكي كوادر وزارته بتشكيل غرفة عمليات واستنفار الجهود والأنشطة والفعاليات البيطرية اللازمة لمتابعة الحالات المرضية التي أُصيبَ بها حيوانات الجاموس في مناطق الفضيلية وجرف النداف والنهروان وحي الوحدة في محافظة بغداد.

وتضمنت توجيهات الوزير "تكثيف عمليات الرصد والتحري والقيام بالإجراءات الاحترازية لتقويض الحالات المرضية والكشف عن مسبباتها، وقيام الكوادر البيطرية المختصة بإجراءات وقائية سريعة وعقد اجتماعات فنية حال ظهور الحالات المرضية للجاموس وبإشراف وكيل الوزارة الفني وبمتابعة مباشرة من مدير عام دائرة البيطرة".

ومنعت الوزارة حركة الحيوانات من وإلى البؤر المصابة لمدة 14 يوماً، فيما باشرت تزويد المستشفيات بمعقمات الفايروسات لرش الحظائر بالمبيدات وغيرها.

وطمأنت الوزارة بأن الإصابات المسجلة تعود إلى مرض الحمى القلاعية، وهو مرض لا ينتقل إلى الإنسان.

نفوق مئات رؤوس الجاموس

وتشهد منطقة العيفار وسط مدينة الحلة بمحافظة بابل، نفوق مئات رؤوس الجاموس، وسط عجز المربين عن احتواء الأزمة وتأخر استجابة الجهات المعنية.

يقول المربي حامد رهيف، وهو أحد المتضررين: إن الخسائر فادحة، والفيروس مستمر بالانتشار؛ حيث فقد هو لوحده 25 رأساً حتى الآن، بينما فقد مربون آخرون أعداداً أكبر.

ويضيف رهيف، إن "المرض اجتاح القرية منذ 10 أيام، والمواشي تصاب بارتفاع حرارة شديد ثم تموت سريعاً"، مبيناً "حاولنا العلاج لكن دون فائدة، والبيطرة لم توفر اللقاحات في الوقت المناسب".

فيما يؤكد مدير دائرة البيطرة في المحافظة أحمد فرهود، أن حملات التلقيح والتعفير مستمرة، لكن بعض المربين امتنعوا عن تلقيح مواشيهم، ما زاد من تفشي الفيروس.

ومع تزايد النفوق يوماً بعد آخر، يطالب مربو الجاموس بإعلان حالة الطوارئ البيطرية، وإيقاف استيراد المواشي مؤقتًا، وتوفير اللقاحات والعلاجات الفعالة.

عرض مقالات: