شهدت العاصمة بغداد وعدد من المحافظات، خلال اليومين الماضيين، سلسلة من التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، شملت خريجي الجامعات، وموظفين، وأهالي المناطق المتضررة من الجفاف، إضافة إلى احتجاجات مطلبية في قطاع النفط. فيما تخلل بعضها اعتقالات لناشطين، أثارت استنكار منظمات حقوقية.
احتجاجات طبية في بغداد
وتجمع المئات من خريجي المجموعة الطبية في العاصمة بغداد داخل حديقة الأمة، مطالبين بتعيينهم على ملاك وزارة الصحة، وتطبيق قانون 6 لعام 2000.
وذكر مشاركون في الوقفة، أن عدد المتظاهرين بلغ نحو 130 شخصاً، في حين طوقت التظاهرة قوة من فوج طوارئ بغداد الرصافة الثالث إلى جانب الوحدة التاسعة من حفظ القانون. وأفاد شهود عيان بأن القوات الأمنية استخدمت العنف المفرط واعتدت على المحتجين السلميين لفض التجمع.
ويشير قانون 6 لعام 2000 إلى إلزام الحكومة بتعيين خريجي الجامعات والكليات والمعاهد الطبية والصحية والتمريضية، وقد تمت المصادقة مؤخراً على تعيين 29,882 خريجاً من قبل مجلس الخدمة الاتحادي.
ميسان.. عطش وخطأ طبي واعتقال ناشط
وفي ناحية الخير جنوبي ميسان، خرج العشرات من الأهالي بتظاهرة أمام مبنى ديوان المحافظة احتجاجاً على أزمة شح المياه. وطالبوا الحكومة المحلية بالتدخل الفوري وإطلاق حصة مائية لإنقاذ الثروة الحيوانية وما تبقى من السكان، مشيرين إلى أن المنطقة التي كانت تشتهر بالزراعة وتربية الجاموس والأغنام والأسماك، تحولت إلى منطقة شبه مهجورة بفعل الجفاف.
وفي قضاء المجر الكبير، نظم ذوو الشاب مصفى فالح الشويلي، وقفة أمام المستشفى للمطالبة بفتح تحقيق في أسباب وفاته، متهمين طبيب التخدير بالتقصير وطالبوا بإقالة إدارة المستشفى.
كما اعتقلت قوة أمنية الناشط أبو عراق العبودي، مسؤول تنسيقية المطالبين بتعديل سلم رواتب الموظفين وموظف في مديرية زراعة ميسان، بموجب أمر قضائي صادر من بغداد، بتهمة التحريض على التظاهرات.
وفي ناحية المشرح، دخل الأهالي في اعتصام مفتوح بسبب توقف محطات الإسالة وجفاف الأنهر والجداول منذ شهرين، الأمر الذي أدى إلى نفوق المواشي وهجرة العائلات. الأهالي أشاروا إلى أن الإطلاقات المائية لا تتجاوز 7 أمتار مكعبة بالثانية للناحية التي يسكنها أكثر من 30 ألف نسمة، محملين المسؤولية للتجاوزات وأحواض الأسماك والمتنفذين.
وقفات احتجاجية في المثنى
وفي محافظة المثنى، نظمت مجموعة من خريجي المحافظة من مواليد التسعينيات وقفة احتجاجية، طالبوا خلالها بتوفير فرص عمل لهم في الدوائر الحكومية، مؤكدين أنهم تجاوزوا الثلاثين من العمر وما زالوا يواجهون البطالة رغم حصولهم على الشهادات الجامعية.
كما خرج عدد من موظفي بلدية السماوة العاملين بصفة أجراء يوميين في وقفة احتجاجية، مطالبين بتحويلهم إلى عقود وفق قرار 315، مشيرين إلى أنهم أمضوا سنوات طويلة في الخدمة من دون تثبيت أو تحويل لعقود أسوة بزملائهم.
تصعيد في البصرة
وفي محافظة البصرة، أغلق العاملون السابقون في مشروع FCC النفطي البوابة الرئيسية لشركة مصافي الجنوب، احتجاجاً على استبعادهم من التثبيت على الملاك الدائم لوزارة النفط.
وقال ممثل المتظاهرين، أحمد شاكر، إن عددهم يبلغ نحو 350 عاملاً، عملوا لسنوات طويلة قبل تشغيل المشروع، قبل أن يتم الاستغناء عنهم بشكل مفاجئ لصالح عمالة أجنبية.
كما تظاهر العشرات من خريجي الهندسة والاختصاصات النفطية والعلوميين أمام شركة نفط البصرة في شارع "المكينة"، مطالبين وزير النفط ومدير الشركة بالاستجابة لمطالبهم في التعيين.
وفي تطور آخر، اعتقلت قوة أمنية الناشط عمار الزيدي، أحد أبرز قادة الحراك الشعبي في البصرة، قبل ساعات من تظاهرة كان يفترض أن يقودها أمام مجلس المحافظة. الزيدي سبق أن قاد تظاهرات حول خور عبد الله وسلّم الرواتب وقضايا خدمية أخرى، فيما اتهم ناشطون قائممقام الهارثة بالوقوف وراء الدعوى القضائية ضده.
وقد أثار اعتقاله ردود فعل غاضبة، حيث حشد رفاقه في الحراك الشعبي لتظاهرات واسعة للمطالبة بإطلاق سراحه، معتبرين اعتقاله محاولة لتكميم الأصوات الناقدة.
استنكار حقوقي
بدوره، استنكر مركز العراق لحقوق الإنسان ما وصفه بـ"الاعتقالات العشوائية والدعاوى الكيدية ضد الناشطين وصنّاع الرأي العام".
وأكد المركز أن اعتقال الناشط عمار الزيدي يمثل خرقاً صارخاً للمادة (38) من الدستور العراقي والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
وحذر المركز من أن "الممارسات القمعية بحق الناشطين قد تؤدي إلى استفزاز الشارع وزيادة الاحتقان الشعبي، وتهديد السلم المجتمعي"، مطالباً رئيس الوزراء ولجنة حقوق الإنسان في البرلمان باتخاذ موقف واضح وإيقاف جميع أشكال الملاحقة والتضييق، والعمل على الاستماع إلى المطالب المشروعة للمحتجين.
موظفو شركة نفط الشمال
من جانبهم، نظم العشرات من موظفي شركة نفط الشمال في كركوك، وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة، للمطالبة بتطبيق قرار حكومي يقضي باحتساب شهاداتهم الجامعية التي حصلوا عليها أثناء الخدمة.
وقال متظاهرون إن "هناك توجيهات صادرة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير النفط حيان عبد الغني، تقضي باحتساب "جميع الشهادات النفطية والساندة"، لكن إدارة الشركة لم تطبق القرار حتى الآن".
وأوضح أحد الموظفين أن عدد الحاصلين على شهادات يتراوح بين 1000 و 1600 موظف، مضيفاً: "مطالبنا بسيطة، وهي تسريع الإجراءات أسوة بالشركات النفطية الأخرى التي بدأت بالفعل باحتساب شهادات موظفيها".
وأكد المحتجون أنهم يسعون فقط لتطبيق القرار، معربين عن استعدادهم لتقديم أي تعهدات تطلبها الإدارة، بما في ذلك البقاء في مناصبهم الحالية دون تغيير، مقابل الاعتراف بشهاداتهم.
ويأمل الموظفون أن تستجيب إدارة الشركة لمطالبهم وتطبق التوجيهات الحكومية لإنهاء هذا الملف.
وجه رئيس الوزراء العراقي يوم الاثنين 4 آب 2025 وزارة المالية العراقية بإطلاق أوامر الترفيع والعلاوة السنوية، واحتساب الشهادة للحاصلين عليها أثناء الخدمة، واحتساب الخدمات، حفاظاً على المراكز التنظيمية والحقوق المكتسبة لموظفي الدولة كافة.
كما وجّه وزارة المالية باحتساب المتغيرات والحقوق المالية وفق جداول الكلف، وأن يُمنح العنوان والدرجة الوظيفية الجديدة ضمن السياقات والضوابط القانونية والأنظمة الملحقة بها.