اخر الاخبار

الحديث عن الوضع الأمني ارتباطا بالحوادث التي وقعت مؤخرا، في بغداد ومحافظات أخرى، لم يغب عنه الإجماع على سوء الإدارة والفساد، الذي يعصف بمؤسسات الدولة، وهو مؤشر يمكن تلمسه من خلاله وضوح عدم القدرة على التعامل مع هذا الملف بسرعة تتناسب مع الحاجة، بحسب خبراء أمنيين.

فيما ذهب بعض المسؤولين لإطلاق أمنيات بأن تكون هذه الحوادث جنائية ولا تحمل طابعا سياسيا.

‏وللفترة من تاريخ 17-2-2024 ولغاية يوم 24-2-2024، أشّر مراقبون بحسب برقيات رسمية في بغداد فقط، عدد القتلى والجرحى بـ 112 شخصا، وعدد الجثث المجهولة بـ 6 جثث.

ويرى الخبير الأمني، أحمد الشريفي ان إحداث الفوضى سببها عدم وجود ناظم قانوني يفرض هيبة الدولة. وأن فقدان هذه الهيبة يفقد السلطة سيطرتها على الأفراد، عازيا ما يحدث من خروقات الى سوء الادارة والفساد.

وقال الشريفي لـ»طريق الشعب»، ان «الفساد المالي هو الذي جعل المؤسسات عاجزة عن أداء دورها الوظيفي، فضلا عن سوء الإدارة والذي يرتبط بإدارة الموارد»، موضحا انه «حين يحصل نزاع مسلّح ونرى الآليات تتحرك بسرعة وتفرض إرادة القانون. قطعا سيكون هناك رد فعل من قبل المواطن، خشية من هذه الأجهزة، لكن هذا التراخي واللامبالاة وسوء إدارة الملف الأمني، تؤدي الى هذا التمادي».

وأضاف الخبير الأمني، أن «حديث بعض المسؤولين عن كون هذه الحوادث جنائية ولا علاقة لها بالوضع السياسي، هو حديث لرفع الحرج عنها، كون الحوادث التي تحصل وفيها طابع سياسي تحتاج الى اتخاذ اجراءات».

وأوضح، أن «اللامبالاة والخلل الكبير في اداء مؤسسات الدولة لمهامها هما ما اضعف هيبتها. ونلاحظ ذلك من خلال متابعة الحادث الأخير في مدينة الصدر، فلم نجد رد فعل من قبل عناصر الشرطة المتواجدين بالقرب من الحادث»، مبيناً أن «التحقيق والاعتقال جريا بعد وقوع الحادثة بـ24 ساعة وهذا الغياب هو ما يفقد الدولة هيبتها».

بالمقابل، وصل الحال إلى أمنيات أطلقها عضو في لجنة الأمن والدفاع النيابية، بان يكون احد حوادث القتل التي حصلت قبل ايام، تندرج ضمن خانة «الحادث الجنائي»، لكنه يعتقد انها استهداف سياسي، في اشارة الى اختطاف ناشط في محافظة بابل والعثور على جثته مقتولا في اليوم التالي.

الكاتب والصحفي، فلاح المشعل، كتب على صفحته في «فيسبوك» انه «خلال عشر ساعات شاهدت ثلاثة فيديوهات عن جرائم قتل تحدث في بغداد بنقل مباشر من مكان حدوثها للسوشيال ميديا؟!.. مَنْ يملكون السلاح ويتقاتلون في الشارع بتباه ودون خوف من الحكومة أو القانون؟.. هؤلاء ينتمون لتنظيمات ومكاتب وجهات تمثل الدولة العميقة وأذرعها، وبعضهم ينتمي لمؤسسات الدولة الرسمية!».

ويضيف في حديثه، أن «بغداد أصبحت مدينة بلا ضوابط سلام وأمن مجتمعي والرصاص يهدد الناس في الطرقات، وقوات الامن أضعف من ردع ما يحدث من جرائم يومية، بل أن بعضهم لا يتدخلون.. لأنهم يعرفون إن وراء هؤلاء تنظيمات وعشائر ومشكلة لا تنتهي بالفصل المالي فقط، ولا تستطيع الحكومة حمايتهم؟!».

مدونون بالمئات ومن على صفحات «X» تويتر سابقا، تناقلوا مقاطع فيديو لحدثين امنيين في بغداد: الأول في منطقة بغداد الجديدة وراح ضحيته 3 اشخاص، ويتضح في الفيديو مرور رجل أمن بالقرب من الحادث دون الاكتراث بما يحصل، فيما يظهر في المقطع الآخر شجار مسلح بين اشخاص في مدينة الصدر، واستمر طويلا، وراح ضحيته احد الاشخاص، دون اي تدخل لعناصر الأمن.

سعد معن يطالب بالإنصاف

وذكر المستشار الأمني لوزير الداخلية اللواء سعد معن، في بيان طالعته «طريق الشعب»، أنه «نرى توجيه بوصلة الانتقادات إلى القوات الأمنية من دون رحمة وتناسي دورها الكبير وما تقدمه من تضحيات»، لافتاً الى أنه «في الآونة الأخيرة كثر الحديث والسجالات عبر المواقع والمنصات الإلكترونية وبعض وسائل الإعلام عن الجريمتين المرتكبتين في مدينتي الصدر وبغداد الجديدة في العاصمة بغداد قبل يومين».

وقال معن، إن «الخوض في تفاصيل الجريمتين أخذ جانباً واحداً فقط بوضع اللوم على القوات الأمنية التي لا ننكر أنها تتحمل المسؤولية الأولى في هذا الصدد، لكن في الوقت نفسه لا يمكن وضع شرطي ورجل أمن في كل زقاق ومحل تجاري يراقب تصرفات الأفراد، وهو أمر مستحيل بالطبع».

وأضاف، «هذا أمر يجب على المنصفين ذكره، لما له من أهمية في رفع معنويات القوات الأمنية التي تضحي بنفسها كل يوم في سبيل تعزيز الاستقرار وإدامة الأمن المجتمعي. كذلك في نفوس المواطنين الذين يجب أن تتعزز ثقتهم بهذه القوات لأنها الضامن الأكيد للأمن المستدام».

وبين معن: أن «المؤسسات والوكالات البحثية العالمية المختصة بالأمن تعطي العراق نسباً متقدمة في الاستقرار الأمني بالمقارنة مع الأعوام السابقة، في حين يجري إهمال هذا الموضوع داخل العراق ولا يسلط الضوء عليه إلا بالنزر اليسير، كي تبقى المؤسسة الأمنية دائماً في دائرة الاتهام واللوم والريبة».

عرض مقالات: