اخر الاخبار

في الخامس والعشرين من نيسان يحتفل في ميلانو بتحريرها من الاحتلال الالماني النازي ومن فاشية موسوليني.  لقد كانت تظاهرة هذا العام مخصصة للتضامن مع الشعب الفلسطيني وإدانة حرب الإبادة الجماعية في غزة. تقول إحدى اللافتات في ساحة الكاتدرائية: «دعونا نوقف المذبحة بحق الشعب الفلسطيني. دعونا نظل إنسانيين».

 دعوة

كانت جريدة «إلمانيفستو» (البيان) اليومية الشيوعية، قد دعت إلى جعل المناسبة يوما لوقف الحروب في أوكرانيا وقطاع غزة ولمواجهة المخاطر الوشيكة التي يشكلها اليمين المتطرف. « يجب أن يكون يوم 25 نيسان 2024 يوم استذكار مميز في أوربا أكثر من أي وقت مضى، ويستند إلى الاحتجاج الجماهيري قبل 30 عامًا بالضبط ضد حكومة بيرلسكوني الأولى، «من أجل جعل هذا التحرير تحريرًا خاصًا، كتب رئيس التحرير الجريدة. أندريا فابوزي في عدد 25 نيسان.

 أثبت نجاح التظاهرة صحة وأهمية الدعوة.  وكان عدد المشاركين كبيرا، وحتى بعد ساعتين من البداية، وواجه المشاركون صعوبة في التحرك. عندما ألقيت الخطب الأولى في التجمع الختامي بساحة الكاتدرائية، كانت التظاهرة وكأنها بدأت للتو. تدفق الناس تدريجياً وانضموا إلى الآخرين: منظمات التضامن مع الشعب الفلسطيني، منظمات المهاجرين، والنقابات العمالية، والأحزاب الشيوعية واليسارية، بضمنها حزب إعادة التأسيس الشيوعي الإيطالي.

احتج المتظاهرون في سبيل فرص العمل، حقوق النساء، ومن أجل نظام رعاية صحية وتعليم فعال ومجاني، وضد تحويل أوربا إلى قلعة حصينة بوجه اللاجئين، ومن أجل ضمان حرية الرأي وإطلاق سراح جوليان أسانج.

رسائل

وجه بريمو مينيلي، رئيس رابطة الأنصار المناهضة للفاشية في ميلانو، نداء تصالحيًا للحاضرين: «وقف إطلاق النار في كل مكان، إنهاء المعاناة في أوكرانيا والمذابح في فلسطين، دع رهائن السابع من تشرين الأول يعودون إلى ديارهم».

ومن جانبه شكر عمدة ميلانو بيبي سالا جريدة «المنفستو» على الدعوة والتحشيد: «لقد فعلتم في الوقت المناسب شيئا غير عادي». وأضاف، إن ساحة الكاتدرائية لم تكن مزدحمة منذ سنوات، وبوصفه عمدة ثاني أكبر مدينة في إيطاليا، خاطب حكومة ميلوني الفاشية الجديدة، التي تريد تغيير الدستور بحيث يمكن انتخاب رئيس الحكومة مباشرة: «ميلانو تقول إنه لا يجوز المساس بالدستور، فهذه المدينة هي الحاجز الأخلاقي الذي ستنهار أمامه أي خطة لإسقاط الديمقراطية».

ويرى رئيس رابطة الأنصار المناهضة للفاشية الأمر كذلك: «إذا تم وضع كل السلطة في يد شخص واحد وتم تقسيم إيطاليا إلى العديد من المناطق المتنافسة، فسيتم تجاهل دستور عام 1948»، الذي، جاء كما هو معروف، نتيجة لنضال حركة الأنصار المناهضة للفاشية».

 شبيبة

تميزت التظاهرة بمشاركة واسعة للأجيال الشابة. في مقالة لها اشارت لوسيانا كاستيلينا، الشيوعية المخضرمة، التي انتمت إلى الحزب الشيوعي الايطالي الأم وهي في السابعة عشر من عمرها، وما تزال تواصل العطاء وقد تجاوزت سنتها التسعين، والتي توصف بـ «ايقونة اليسار الإيطالي، وهي مؤسسة مشاركة لجريدة «منفستو»، إلى عودة الشبيبة بعمر 20 عامًا إلى المسرح السياسي واعتبرت ذلك علامة إيجابية: «أنهم يشعرون بأننا نمر بتغيير تاريخي في العالم وأنهم مدفوعون للتعبئة».

وتميزت التظاهرة أيضا بالحضور الطاغي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والمطالبة بإنهاء فوري للحرب الدموية في غزة. وكان من بين الشعارات المرفوعة «معاداة الفاشية ومعاداة الصهيونية متساويتان».  إن سعة التضامن مع الشعب الفلسطيني كان متوقعا، ارتباطا بحرب الإبادة الجماعية، واستمرار الحرب بلا نهاية منظورة. لكن ربط مساواة مقاومة الفلسطينيين بمقاومة الأنصار الإيطاليين المعادين للفاشية لم يتوقعه يعض المتابعين في أوربا التي خضع الكثيرون فيها لأسطوانة معاداة السامية.

 تاريخ

في هذه اللحظة يلتقي مناضلو المقاومة الشباب والكبار في ميلانو، حيث أطلق الأنصار الشيوعيون وقادة المقاومة في شمال إيطاليا، عام 1945، انتفاضة عامة في 25 نيسان من مقرهم في ميلانو في جميع المناطق التي لا تزال محتلة. لتحرير ايطاليا من قوات المانيا النازية قبل دخول قوات الحلفاء أراضيها.

تم تحرير مدن بولونيا قبل أيام قليلة، وميلانو في 25 نيسان والبندقية في 28 منه. وحصلت جنوة وميلانو، اللتان تعتبران مدينتين نموذجيتين للمقاومة ضد الفاشية، على الميدالية الذهبية للشجاعة في عامي 1947 و1948 على التوالي. ويقال إن قوات الأنصار الإيطالية كانت تضم قرابة 250 ألف مقاتل، مما يجعلها ثاني أكبر حركة مسلحة في أوروبا بعد قوات الأنصار اليوغوسلافية.

واضح جدا الدور الريادي الذي لعبته قوات الأنصار الشيوعية في تحرير العديد من البلدان من الفاشية، وهو ما لم ينعكس في أوربا الغربية في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية من بين أمور أخرى، نتيجة للاتفاقيات بين حكومات البلدان المنتصرة.

عرض مقالات: