قال الرفيق كاوه محمود، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني، إن "الأجواء العامة التي تجري فيها الانتخابات في إقليم كردستان لا يمكن النظر إليها بمعزل عن التطورات التي حصلت خلال السنوات الماضية، وخصوصًا تلك المتعلقة بعملية الفرز الطبقي والمجتمعي خلال العقد الماضي".
تدهور الأحوال في الاقليم
واكد محمود قائلاً: "نشهد الآن ضعفاً في وضع الطبقة الوسطى في الإقليم، في وقت شهدت المدة من عام 2003 إلى 2014 صعودًا لهذه الطبقة، نتيجة إجراءات السلطة من خلال التعيينات وإفساح المجال لها".
وأوضح الرفيق كاوه محمود في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "هذا الأمر انعكس في تشريعات البرلمان الكردستاني خلال تلك السنوات، وهي تشريعات اتسمت بطابعها المدني التقدمي والديمقراطي"، مضيفًا أنه "منذ عام 2014 وحتى الآن، يشهد الإقليم وضعًا آخر، تدهورت فيه أحوال الطبقة الوسطى لأسباب عديدة، ولعل أبرزها سياسات الخصخصة ضمن السياسة الاقتصادية المتبعة، إضافة إلى قطع الرواتب والميزانية، ما أدى إلى هبوط في وضع هذه الطبقة".
وأردف، أن "الوضع لا يزال يتدهور إلى المزيد من الفقر والبطالة، لذلك يجري التفكير في الحفاظ على الشرعية بالحصول على أصوات العشائر والعوائل السياسية، فضلاً عن الإسلام السياسي السلفي، وليس من الطبقة الوسطى التي كان يجري الاعتماد عليها من قبل القوى الحاكمة سابقاً، وذلك ينعكس على أجواء انتخابات الإقليم".
تصاعد وتيرة الخطاب الشعبوي
وتابع، أنه بالتزامن مع ذلك، هناك تصاعد في وتيرة الخطاب الشعبوي عن الانتخابات السابقة، الذي يغيّب المنطق، وبالتالي لا يلاقي الناخب من خلال البرامج السياسية. ونحن هنا نشهد حالة ما بعد الشعبوية، انعكست في المفردات السياسية المستخدمة بالدعاية الانتخابية الجارية الآن.
ولفت إلى وجود تصور بأن "البرلمان القادم ستكون تركيبته مزيجًا من أبناء هذه العوائل والقبائل الموجودة مدعومًا من الإسلام السياسي السلفي، وسيكون برلمانًا محافظًا بشكل معين، وهذا ما يزيد من الثقل في المهام التي نواجهها كحزب ديمقراطي مدني علماني، يدعو إلى التغييرات الاجتماعية على أساس الحفاظ على القطاع العام، وجملة من الأمور التي تحد من البطالة والفقر، ومواجهة الخصخصة والنزعة النيوليبرالية الجديدة".
التأثير على رأي الناخب
وعن مشاركة الحزب الشيوعي الكردستاني في انتخابات إقليم كردستان، قال الرفيق كاوه: "كان لدينا عدد من الأسئلة بخصوص اشتراكنا في الانتخابات، تتعلق بدخولنا فيها من عدمه، وكذلك التحالف والبرنامج الانتخابي الذي سوف يتم تبنيه من قبل التحالف"، مشيرا الى ان "الحزب لا ينظر إلى الانتخابات بشكل مجرد عن التغييرات السياسية الحاصلة التي تؤثر على رأي الناخب".
وتابع ان "حزبنا يؤمن بالعمل البرلماني وكذلك النضال الجماهيري من اجل حقوق الناس، وبالتالي نحن نشترك في هذه الانتخابات ضمن ظروفها، لكن اذا كان هناك ظرف اخر او حالة أخرى تحقق التغيير الاجتماعي عن طريق اخر غير الانتخابات، فسيكون لنا آنذاك موقف اخر. ليس هناك في الوقت الحاضر سوى الانتخابات لنشر خطابنا السياسي من اجل الوصول للسلطة التشريعية".
ولفت الى انه "من الجانب الاخر نحن لا ننظر الى العمل في البرلمان كبديل عن العمل الجماهيري بين الناس، بل يمكن ان يكون نشاطنا البرلماني داعماً لنشاطنا الجماهيري وبالعكس".
واشار محمود الى ان "الحزب بحث في سؤال اخر، وهو هل يمكننا كشيوعيين كردستانيين ان نصل الى السلطة التشريعية وحدنا، ام من خلال تحالف انتخابي، واي تحالف يمكن ان نحقق فيه مشروعنا السياسي الديمقراطي، لذلك كان القرار ان نشترك في تحالف ديمقراطي واسع، أكبر من التحالف اليساري في الإقليم".
بديل مدني ديمقراطي
وأضاف الرفيق كاوه، ان "الحزب يشترك في تحالف إقليم كردستان، وهو تحالف ليس تاريخيا او استراتيجيا انما تحالف انتخابي ديمقراطي مدني. والمهم ان نحدد بشكل واضح وغير ضبابي مهامنا الانتخابية وهويتنا الفكرية وبرنامجنا البديل عن البرامج الأخرى المطروحة من قبل أحزاب السلطة او الأحزاب المعارضة سواء كانت إسلامية أم ليبرالية".
وأكد، "نحن نساهم في انتخابات الإقليم ضمن هذه التطورات، بما في ذلك تغيير قانون الانتخابات، حيث كان الإقليم في السابق دائرة واحدة، والآن أصبح الإقليم 4 دوائر انتخابية بحسب القانون الانتخابي الجديد".
وأشار محمود إلى أن "برنامج الحزب هو برنامج ديمقراطي مدني يؤكد على التأمين الصحي والحفاظ على البيئة وحقوق المرأة وإعادة الهيبة إلى برلمان إقليم كردستان وإنهاء الإشكالات المتعلقة بحالة الإدارتين وغيرها من الأمور التي تواجه المواطن الكردستاني".
وشدد على "ضرورة توجّه الناس للمشاركة في الانتخابات والتصويت للأشخاص الذين يبتعدون عن المهاترات السياسية والمزايدات والشعبوية"، مبينًا أن "الأهم هو دفع المواطن بدون تردد او خوف نحو المشاركة وضمان حصول انتخابات ديمقراطية ونزيهة، في وقت يستخدم فيه المال السياسي بكثرة".
وقال أنه "لا يمكن أيضًا اختزال الديمقراطية بالانتخابات، بل هي عملية سياسية اجتماعية تتطلب نفسًا طويلًا في العمل بين الجماهير ونشر الأفكار المدنية داخل وخارج البرلمان".
وفي ما يتعلق بالتخوف من حدوث اضطرابات قبل أو بعد العملية الانتخابية، أكد محمود أن "الحزب يركز على مخاطبة العقل والاعتماد على المنطق والمعرفة السياسية والابتعاد عن المهاترات والمزايدات السياسية"، مشددا على أن الحزب يدفع المواطن الى المشاركة في الانتخابات والتصويت للأشخاص أو الجهات التي تبتعد عن الشعبوية.
الصراع الإقليمي والدولي
وأشار محمود إلى أن " لا يمكن تجريد الانتخابات في الإقليم من الصراعات الإقليمية والدولية والداخلية الموجودة في العراق، فضلاً عن وجود حرب. ووسط ذلك نحن ندفع المواطنين للمشاركة في الانتخابات التي نريدها ان تكون نزيهة، لوجود قوى سياسية تستخدم المال السياسي. كذلك هناك من يتعكز على القضايا الأيديولوجية ويريد ان يستخدم قضية الايمان والعلمانية بهدف التأثير على سير الانتخابات".
وبين، ان "الحزب يتعامل مع هذه الأمور بتفاؤل، ونسعى حسب إمكانياتنا المتواضعة الى الوصول للناس لغرض شرح برنامجنا الانتخابي، ونستمر بنضالنا بثورية وننشد التغيير الاجتماعي، ونشدد على انه لا يمكن ان تختزل الديمقراطية من خلال الانتخابات فقط، فترسيخ الديمقراطية تتطلب صبراً وعملاً دؤوباً في العمل بين الجماهير لنشر الأفكار المدنية داخل البرلمان وخارجه".
وخلص سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني، الى ان "حملة الحزب تعتمد اساساً على الجهد البشري لرفاق الحزب وداعميه وكذلك التبرعات، لذلك نشعر بأننا قريبون من الأوساط التي نلتقي بها، وهناك نوع من التجاوب، مع ذلك لا نفكر بأننا سوف نحدث تحولاً جذرياً او نحن أمام منعطف تاريخي كبير بما يخص وضعنا الانتخابي. وفي جميع الأحوال فأن هذا الجهد الانتخابي يقربنا أكثر من الناس وهي تتجاوب معنا، وهو افضل بكل الأحوال من الانتخابات السابقة".