أقيمت في خيمة الندوات ضمن فعاليات مهرجان "طريق الشعب" التاسع، الأسبوع الماضي، ندوة عن "قانون حق الحصول على المعلومة"، ضيّفت عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ياسر السالم وعضو جمعية الدفاع عن حرية الصحافة ساطع عمار، للحديث عن تشريع القانون والعقبات التي تواجه المعنيين بالقانون، وما تضمنته المسودة المرسلة من الحكومة الى البرلمان من قيود وفخاخ تعبر عن ذهنية السلطة.
يصنع علاقة ايجابية
عضو جمعية الدفاع عن حرية الصحافة ساطع عمار، قال ان "قانون حق الحصول على المعلومة هو تشريع معني بصلب الديمقراطية وعمل الدولة الحديثة، على اعتبار ان الأنظمة الدكتاتورية تسعى الى صناعة علاقة غير شفافة مع الجمهور ومع الشعب بشكل عام".
وأضاف، ان "حق الحصول على المعلومة هو صناعة هذه المنطقة الشفافة بين السلطة والمجتمع من خلال تنظيم المعلومات التي تمتلكها الدولة بشكل عام، وتنظيمها مع المجتمع ومن يطلبون المعلومة، من باحثين واعلاميين وحقوقيين ومواطنين وناشطين، فكلهم معنيون بهذا التشريع وهو يمسهم بشكل كبير"، مبينا ان "الدولة الديمقراطية الحقيقية هي التي تعمد على صناعة علاقة إيجابية بينها وبين جمهورها فيما يتعلق بالمعلومات".
وأشار عمار الى، انه "حين قرأت كتاب حنا بطاطو (العراق) وهو اهم ما كتب عن العراق كما اعتقد، وانا كقارئ تفاجأت بحجم المعلومات والوثائق الكبيرة وهي آلاف الوثائق السرية ومحاضر الامن والشرطة ومحاضر الأحزاب الحاكمة وغير الحاكمة، وهنا تستغرب من اين جاء بطاطو بهذه المعلومات وهو مواطن غير عراقي. ومن خلال علاقتي الشخصية تواصلت مع طلبة حنا بطاطو ودلوني على مقال كتبه عن الوثائق حصرا، يقول فيه: "وجدت الوثائق العراقية على سطوح الدوائر الأمنية وغيرها، وهذا يثبت ان الدول الدكتاتورية هي دائما تكون مخترقة رغم اعتقادها بانها مستحكمة على المعلومات والفضاء العام الا انها دائما ما تكون مخترقة".
وبيّن، ان "قانون الحصول على المعلومة قانون مهم يصنع العلاقة الإيجابية بين السلطة والمجتمع، إضافة الى ان الحصول عن المعلومة حق من حقوق الانسان".
ما هي الآداب العامة؟
وتابع عمار، ان "مسودة القانون التي قدمت الى البرلمان هي مسودة حكومية وتحتوي على الكثير من المشاكل وتعبر عن عُقد النظام السياسي. وخلال دراستي في كلية القانون تعلمت في المرحلة الأولى ان طبيعة القاعدة القانونية تكون مجردة وواضحة، لكن المشرع العراقي لا يستوعب هذا التعريف للقاعدة القانونية فتجده دائما يجنح الى تعريفات غامضة وغير واضحة للقوانين والمواد والمفاهيم أيضا، فتجد مثلا مفهوم النظام العام والآداب العامة، فماذا يعني بالآداب العامة؟ بالنهاية حتى تكون القاعدة قانونية بمعناها القانوني يجب ان تكون عامة ومجردة، طيب كيف هي عامة ومفهوم الآداب العامة يختلف في قضاء طويريج عنه في قضاء المسيب؟" حسب تعبيره.
وأكمل، ان "المسودة التي قدمت الى البرلمان من الحكومة فيها فخاخ كثيرة وكبيرة، وفيها مفاهيم عامة والان الزملاء في منظمات المجتمع المدني عمدوا الى تشكيل تحالف وقدموا مجموعة مقترحات تتعلق بالمسودة واقاموا العديد من الورش لمعالجة هذا الموضوع وتم تقديم الملاحظات الى مجلس النواب. وننتظر ان يؤخذ بمفاهيم حقوق الانسان عند تشريع هذا القانون".
برلمان مفرغ من محتواه..
ونوه الى، انه "على المستوى الشخصي لا أتمنى ان يشرع هذا القانون خلال هذه الدورة البرلمانية كون هذا البرلمان مفرغا من محتواه وخاليا من التوازن. كذلك لا أتمنى وارغب في ان تكون هذه الدورة البرلمانية هي من تعالج قضايا قوانين الحريات وما يتعلق بها، ويجب ان نضغط لترحيل هذه القوانين الى دورات أخرى ونتمسك بمجموعة من القواعد ونركز عليها منها ما يتعلق بالفخاخ التي وضعت في التشريعات، وليس في قانون حق الحصول على المعلومة وحده".
..ويعاني من اختلال في التوازن
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، ياسر السالم، انه "لا بد من التذكير ان قانون حق الحصول على المعلومة مرتبط ارتباطا وثيقا بمنظومة قوانين تندرج تحت المادة 38 من الدستور العراقي، ومنها قانون حق الاجتماع والتظاهر وحماية الصحفيين وجرائم المعلوماتية. وسعى مجلس النواب خلال الدورات السابقة الى تنظيم هذه القوانين وتشريعها، والملاحظ انه في سياق كل المسودات التي قدمت فيما يخص مشاريع القوانين تلك، انها جاءت بصياغات وكأنما من يقوم بها هو ذهنية السلطة التي تنظر لا الى تعزيز حالة الديمقراطية والحريات، بل الى حماية نفسها من الشعب، وبالتالي فان من يطلع على مشروع قانون حق الحصول على المعلومة بصيغته الحالية يرى انه مفرغ من محتواه ويسعى الى حماية السلطة من الصحافة والتضييق على المعلومة".
واشار السالم، الى انه يتفق مع الوجهة التي تدعو لعدم تشريع هذا القانون خلال هذه الدورة البرلمانية كون البرلمان يعاني اختلالا في توازن القوى وسيذهب الى تشريع ما يناسب السلطة، ولكن أيضا، هل عدم وجود قانون امر جيد؟ نعم، في ظل هذه الأوضاع ونحن ننظر الى عدم وجود قانون افضل من وجود قانون يقيد حق الحصول على المعلومة، وأيضا لو شرع قانون حق الحصول على المعلومة فسيكون هناك حاجة الى تشريع قانون حق الاجتماع وجرائم المعلوماتية وسلسلة من القوانين. بينما الجو العام داخل مجلس النواب وفي أروقة القوى السياسية يميل الى تمرير هذه القوانين، في مسعى للهيمنة السياسية على مجمل الوضع في البلد، وهذا واضح من خلال تشريع قانون العطل الرسمية ومساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية، وغيرها من القوانين التي فرضوا فيها اجندات ايديولوجية تتعلق بتأبيد وضعهم في السلطة".
معاناة الصحفيين
وأوضح، ان "كل الجهود التي بذلتها منظمات المجتمع المدني في الفترة السابقة هي جهود محل تقدير واحترام وهي جهود حدت وعرقلت ومنعت في فترات ما، من تمرير مشاريع هذه القوانين ولاعتبارات عديدة، وكانت تقدم مساهمات مهمة، ومنها ما يتعلق بالتجاوز والتحايل على الدستور". ولفت السالم الى ان "بعض القوانين التي شرعت، ومنها ما سمي بقانون حقوق الصحفيين وهو لا يتضمن أي حق، وكل ما فعله هو إعادة تفعيل بعض المواد التي شرعت في زمن الدكتاتورية، وحتى قانون الحصول على المعلومة ترد في عباراته عبارة "وفقا للقانون" والمقصود هنا القوانين غير الملغاة! بمعنى إضافة الى القيود التي توضع في القانون هناك قيود أخرى ستكون موجودة بالاستناد الى مواد شرعت في زمن النظام المباد". وأردف، ان "الواقع الحالي، وما نواجهه كصحفيين، هو غياب مطلق لقنوات الوصول الى المعلومة، نحن لا نواجه فقط مشكلة في الحصول على المعلومة وانما في الوصول اليها، لذلك تجد ان غالبية الصحفيين يعتمدون على ما يقوله هذا النائب وذاك السياسي، بل ان حتى بعض الناطقين بأسماء مؤسسات الحكومة تخلوا عن وظيفتهم بالتحدث، وأصبحت وظيفتهم ليس الدفاع عن المؤسسة أو الهيئة، بل عن المسؤول".