اخر الاخبار

استفحلت الخلافات بين القوى السياسية، خلال الأيام الماضية، في مشهد غير مسبوق، حتى وصل الى جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. فقد رفع رئيس الجمهورية دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء، فيما قررت محكمة التمييز الغاء الامر الولائي الصادر عن المحكمة الاتحادية بخصوص القوانين الجدلية.

ولم يتمكن ائتلاف إدارة الدولة من عقد اجتماعه الطارئ، على خلفية الازمة الأخيرة، بسبب تخلف الكتل الكردية والسنية عن الحضور.

وتعتزم المحكمة الاتحادية العليا عقد جلسة تداولية اليوم الثلاثاء للنظر في الطعون المقدمة ضد جلسة مجلس النواب التي جرى خلالها التصويت على قوانين السلة الواحدة.

وأصدرت المحكمة الاتحادية يوم الثلاثاء الماضي، أمراً ولائياً بإيقاف تنفيذ القوانين الثلاثة، الأحوال الشخصية، العفو العام، العقارات، المقرة في مجلس النواب، فيما افتى مجلس القضاء الأعلى، الاربعاء الماضي، بعدم جواز إيقاف تنفيذ القوانين التي يتم تشريعها من قبل مجلس النواب قبل نشرها في الجريدة الرسمية.

وشرعت المحاكم في محافظات العراق منذ يوم الخميس بتنفيذ تعديل قانون العفو العام على وفق نصوصه والتعليمات التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى بهذا الخصوص رغم اعتراض المحكمة الاتحادية العليا.

أزمة بنيوية

أستاذ العلوم السياسية د. اياد العنبر، يرى ان هناك ازمة بنيوية في النظام وهذه الازمة بدأت تتراكم وتصل الى اعلى تجلياتها يوما بعد اخر.

ويقول العنبر لـ"طريق الشعب" ان "التفسير الذي يذهب الى ان هذه الازمات مفتعلة ومحاولة للتغطية على مشاكل النظام، لا تبدو حقيقية وعلى العكس من ذلك، فهي كاشفة لمشاكل حقيقية في بنية هذه المنظومة التي لا تحترم دور المؤسسات والتعامل معها بالمسؤولية التضامنية".

ويؤشر العنبر وجود مفارقة مهمة، مبيناً انها متمثلة بانه كلما يتقادم عمل النظام السياسي كلما تبرز عيوبه ومشاكله أكثر، بدلا من ان يكون مع التقادم قادرا على ان يعالج مشاكله بين المؤسسات السياسية وادارتها عن طريق التفاعل وليس التقاطعات والشخصنة.

مشكلات انعكست على القضاء!

وفي اطار المشكلات التي انعكست على القضاء مؤخرا، يؤكد القاضي والسياسي وائل عبد اللطيف، ان "الجميع يعلم ان المحكمة الاتحادية العليا هي محكمة مستقلة إداريا وماليا وهي بالأصح تسمى بالمحكمة الدستورية وكل ما يتعلق بالدستور من ضمن اختصاص هذه المحكمة، ولا يجوز لمجلس القضاء الأعلى بصفته الإدارية ان يتدخل في المواضيع بجنبتها القضائية".

ويقول عبد اللطيف، ان "ما حصل في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بالتعامل مع القوانين التي شرعها البرلمان، فهي من اختصاص المحكمة الاتحادية العليا وليس من اختصاص مجلس القضاء الأعلى، كون مجلس القضاء هيئة إدارية وليست هيئة قضائية".

ويرى القاضي عبد اللطيف، ان "من أكبر الأخطاء ان تتدخل القوى السياسية في العمل القضائي، وقد تدخلوا وأعلنوا – بدون حياء – وقالوا، نعم نحن نتدخل في القضاء، وكذلك اعلن القضاء انهم يتدخلون بعمله".

ويشير الى أن "هذه التدخلات يجب ان تتوقف، ومن يعمل في السياسة عليه ان يبقى في إطار عمله السياسي، والوزير ضمن عمله الوزاري، ورئيس الهيئة المستقلة يعمل في اتجاه تخصصه. اما ان يتم التدخل في عمل القضاء فهذه من أكبر الكبائر في ما يتعلق بالقضاء العراقي، سواء كان على مستوى محكمة التمييز نزولا، أو بالمحكمة الاتحادية العليا والتي تعتبر اكبر محكمة في العراق".

وشهدت جلسة مجلس النواب في 21 كانون الثاني الماضي، تمرير "قوانين جدلية" تشمل تعديل قانون العفو العام، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، وقانون إعادة العقارات لأصحابها في كركوك.

تمزيق النسيج الاجتماعي

وعن انعكاس هذه الازمات على الواقع المجتمعي، يلفت الباحث غالب الشابندر الى أن "المجتمعات والشعوب تتأثر بالقيادات السياسية والأفكار والتصورات والفلسفات، ولذلك كلما زادت المشاحنات بين هذه القيادات انعكست على البنية الاجتماعية باليأس والقنوط والإحباط".

ويعتقد الشابندر، أن "السياسيين الذين يفتعلون هذه الازمات، لا يخافون من احداث انقسامات مجتمعية، لاسيما مع تكريسهم للمناكفات والمشاهد التي تمزق النسيج الاجتماعي، والمساهمة بخلق شروخ في داخل البنية الاجتماعية، بسبب نظام المحاصصة والاستئثار الحزبي".

ويطالب الشابندر في حديثه لـ"طريق الشعب" ان "تعمل الدولة على رفع التعامل بالألقاب في العمل الوظيفي، وما هو سائد حاليا في استخدام هذه الألقاب كممارسة لتحطيم الدولة العراقية، والتي عن طريقها يتم تسييس النظام العام ومؤسساته بما فيه القضاء العراقي".

ويزيد على حديثه، ان "استغلال دور المكونات بهذه الطريقة في مؤسسات الدولة وارسال رسائل من خلالها اساء للعمل الوظيفي، وعليه ان يجري التخلص من هذه الحالة والتعامل مع الموضوع على أساس النظام ومن دون أي تمييز".

عرض مقالات: