اخر الاخبار

تُعد أزمة السكن واحدة من أبرز التحديات التي تواجه العراق في الوقت الراهن، حيث يشير خبراء الى ان البلاد تعاني من نقص الوحدات السكنية الملائمة وارتفاع أسعار العقارات، مما يزيد من تفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية.

وفي ظل تزايد الطلب على السكن وتراجع قدرة الدولة على تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، تبرز الحاجة إلى حلول جذرية وإصلاحات عاجلة تعالج الأسباب الجذرية لهذه الأزمة المزمنة.

مقترحات حلول

وأكد الرفيق ظافر مردان، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أن أزمة السكن في العراق تتطلب حلولًا جذرية وإصلاحات عاجلة لمعالجة التحديات القانونية والتخطيطية والتمويلية التي تعرقل تنفيذ مشاريع الإسكان.

وقال مردان في حديث لـ"طريق الشعب"، أن غياب التخصيصات المالية الكافية لقطاع الإسكان، ووجود نواقص في قانون الاستثمار، إضافة إلى تعثر تنفيذ القوانين، قد أدى إلى تفاقم الأزمة.

وشدد على ضرورة إلغاء القرارات الحكومية المتضاربة مع السياسة الوطنية للإسكان، وإعادة تأسيس مجلس الإسكان الوطني لضمان تنفيذ خطط فعالة تنهض بالواقع السكني.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الأراضي وسوء توزيعها يمثلان عقبة رئيسية أمام تطوير الإسكان، داعيًا إلى اعتماد سياسات عادلة في توزيع الأراضي بما يضمن استفادة الفئات ذات الدخل المحدود، مع إعطاء الأولوية للنساء والأرامل والأسر ذات الظروف الصحية الخاصة.

وأكد مردان، أن معالجة العشوائيات يجب أن تتم من خلال التنظيم والتطوير، وليس عبر التمليك العشوائي الذي يفاقم الأزمة.

وفي ما يخص الجانب الاقتصادي، أوضح أن العراق بحاجة إلى بناء 250-300 ألف وحدة سكنية سنويًا لتلبية الطلب المتزايد، مشددًا على أهمية زيادة التخصيصات المالية لصندوق الإسكان والمصرف العقاري، وإشراك القطاع الخاص في مشاريع الإسكان لضمان التمويل المستدام.

ودعا مردان إلى إطلاق حملة وطنية للضغط على الجهات المختصة من أجل تنفيذ إصلاحات حقيقية تضع حدًا لأزمة السكن المستمرة.

وأكد ضرورة تعديل بعض فقرات قانون الاستثمار، وكذلك استحداث وزارة للإسكان والتنمية العمرانية تتولى إدارة وتنفيذ السياسة الوطنية للإسكان بصلاحيات استثنائية. وأشار إلى أن المجمعات السكنية التي شيدت في السنوات الأخيرة هي خارج إمكانيات الفئات الوسطى، ناهيك عن محدودي الدخل، بسبب ارتفاع أسعارها.

توجهات جديدة في السياسة الإسكانية

من جهة أخرى، أكد مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، التوجه لمغادرة الأسلوب السابق في الاستثمار العقاري، مشيرًا إلى أن الدولة ستشتري من المستثمر وتوزع على المستفيدين بأقساط شهرية مريحة.

وقال صالح في حديث للوكالة الرسمية، إن "العراق يتجه ضمن سياسته الإسكانية الى توفير مليون وحدة سكنية في مناطق حضرية جديدة وضمن التخطيط العمراني لمناطق البلاد كافة وبمواقع بديلة".

وأضاف، أن هذه السياسة تحمل في جوانبها حالة من التوازي والتكامل مع إنشاء بنى تحتية جديدة ترافق النهضة العمرانية وتوليد حواضر جديدة، على خلاف النماذج السابقة التي شيدت في المناطق الحضرية المركزية القائمة. وتابع: "سنغادر النموذج السابق في الاستثمار العقاري وباتجاهين: الأول أن الدولة ستكون المالك في بادئ الأمر بعد شرائها من المستثمر، وهي مكتملة البنية التحتية، وتتولى توزيعها على المستفيدين من ذوي الدخل المحدود بصورة حيازات وبأقساط شهرية مريحة جدًا إلى حين التملك النهائي، ما يخفف من عبء الحائزين الجدد للعقار. والثاني توفير قروض إسكانية ميسرة عن طريق المصرف العقاري وصندوق الإسكان وأي صناديق أخرى متاحة لتمويل جانب من عملية الإعمار والسكن الفردي".

وأشار صالح إلى أن دورة الأصول العقارية شهدت ارتفاعات حادة خلال السنوات الماضية، ثم ذهبت نحو الركود حاليًا. إلا أنه بموجب السياسة الإسكانية الجديدة التي تنسجم مع البرنامج الحكومي، نتوقع هبوط تلك الدورة نحو الاعتدال بتطابق القيمة العادلة للعقارات مع أسعارها الحقيقية. ولاسيما أن حركة توزيع أراضٍ للسكن الأفقي تسير سويةً مع سياسات الإسكان العمودي، والتي تعثرت خلال السنوات الخمسين الأخيرة بسبب ما مر بالبلاد من حروب وحصار وصراعات.

ونوه صالح بأنه "بهذه الرؤية التكاملية الجديدة بين السكن العمودي والسكن الأفقي المدعوم بسلة المواد الإنشائية الأساسية من الدولة والقروض الميسرة والبنية التحتية الجديدة، فإن اتجاه أسعار العقارات في البلاد لا بد أن تأخذ حالة طويلة من الاستقرار بين أقيام العقارات الفعلية وأسعارها، ولمصلحة أصحاب الأسر من ذوي الدخل المحدود وبشكل انخفاض متدرج، وفي محافظات البلاد كافة".

ورشة عمل الحزب الشيوعي العراقي

يذكر أن الحزب الشيوعي العراقي نظم ورشة عمل تحت عنوان "أزمة السكن في العراق والحلول المقترحة لمعالجتها"، شارك فيها عدد من خبراء الاقتصاد والمعنيين بشأن الإعمار والإسكان، كان من بينهم: عامر الجواهري، باسم جميل أنطوان، استبرق إبراهيم الشوك، الدكتور موفق الطائي، المهندس باقر عباس، رياض كتاب، عبد اللطيف الجابري، د. أشواق فاضل، إسماعيل داود شناوة، عبد الرضا يوسف أيوب، بهاء مهدي، سارة العزاوي، وهاب المرعب، وهدى أحمد جعفر.

وخرجت الورشة بمجموعة من المقترحات التي سيتم توجيهها عبر مذكرات رسمية للجهات الحكومية تتضمن المخرجات. وتأتي هذه الجهود في إطار السعي لوضع حلول عملية وفعالة لأزمة السكن التي يعاني منها العراقيون.

عرض مقالات: