اخر الاخبار

أقام الحزب الشيوعي العراقي، وعلى شرف الذكرى الـ 91 لتأسيس الحزب، يوم الاثنين 24 شباط 2025، جلسة استذكار للشخصية الوطنية والديمقراطية البارزة، والقيادي السابق في الحزب الرفيق الراحل الدكتور مكرم الطالباني.

حضر الحفل نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية فؤاد حسين، إلى جانب عدد كبير من الشخصيات السياسية والثقافية، مما يعكس المكانة الكبيرة التي احتلها الطالباني في المشهد الوطني.

كلمة "الشيوعي العراقي"

وبدأت الجلسة بعزف النشيد الوطني، تلاها وقوف الحاضرين دقيقة صمت حدادًا على روح الفقيد. بعد ذلك، رحّب الرفيق علي صاحب، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، بالحضور، ثم دعا الرفيق حيدر مثنى، عضو المكتب السياسي، لإلقاء كلمة اللجنة المركزية للحزب في هذه المناسبة.

وقال الرفيق مثنى: "إننا إذ نؤبن اليوم الشخصية الوطنية والديمقراطية العراقية والكردستانية، والشيوعي العتيد الرفيق الدكتور مكرم جمال الطالباني، فإننا نستذكر أبرز محطات حياته السياسية ومواقفه الوطنية والنضالية. نحتفي بالفقيد الذي عاش أكثر من مئة عام، كان خلالها ملتصقًا بهموم شعبه، مدافعًا عن حقه في الاستقلال والديمقراطية والحياة الكريمة، وذاد بثبات عن حقوق الشعب الكردي العادلة".

وأضاف انه "في مسيرة الفقيد الكبير والقيادي السابق في حزبنا الشيوعي العراقي الحافلة، تبرز محطات هامة كان للراحل مواقف مشهودة فيها. الطالباني، الذي تخرج من كلية الحقوق في جامعة بغداد عام 1946، في وقت كان العراق يمر بحراك سياسي وتحولات اجتماعية ستظهر آثارها بعد سنوات قليلة، سرعان ما انضم إلى فريق من المحامين للدفاع عن الرفيق يوسف سلمان يوسف (فهد)".

عائلة الفقيد

بعد ذلك، قدمت السيدة لامعة الطالباني، كلمة نيابة عن عائلة الفقيد، قالت فيها: "ماذا أقول لمن كان أبي وأخي وصديقي وملهمي؟ كان دمث الأخلاق وحاضر الذهن، يستند إلى إرث غني من الحكم والأمثال والطرائف التي كان يوظفها ببراعة في لقاءاته السياسية والدبلوماسية والاجتماعية. كان صامدًا وصامتًا في وجه المحن، يشهد له كل من زامله في السجون والمعتقلات، إذ لم يكن يعرف للخنوع طريقًا".

وشهدت الجلسة عُرض فيديو قصير عن محطات حياة الرفيق الراحل، تلاه الجزء الثاني من الجلسة الذي تضمن عددًا من المداخلات والشهادات من قبل شخصيات بارزة، منهم الدكتور سيف عدنان القيسي، والدكتور جمال العتابي، والدكتور حسين الجاف، والمهندس علي غالب.

ذكريات الحاضرين مع الراحل

الكاتب المعروف، د. جمال العتابي تحدث عن ذكرياته مع الراحل قائلًا: "أتحدث عن مكرم الطالباني ليس فقط لأني زاملته في العمل عندما بدأنا عام 1969 في مجلة 'الثقافة الجديدة'، حيث كان هو رئيس التحرير، وكنا لا نتجاوز الثلاثة أو الأربعة من أعضاء هيئة التحرير. في تلك الفترة، عرفت سمات وخصال هذا الرجل المعروفة، والتي لا تحتاج إلى إعادة. لكني أيضًا عدت وقرأت مذكراته والتقيت به بعد عام 2003، وكان لي معه حوار نُشر في جريدة 'القاسم المشترك' آنذاك".

وأضاف العتابي، انه "خلال هذا الحوار، تأكد لي أن مكرم الطالباني كان لديه موقف مختلف تمامًا من عملية التحولات التي حصلت بعد عام 2003. في هذه الأثناء، عرفت أن حياة مكرم الطالباني كانت مليئة بالمتناقضات والمفاجآت، منها المحزن ومنها المبكي. هذه المسيرة بدأت منذ أن نجح في الصف الخامس الإعدادي متفوقًا على طلبة لواء كركوك آنذاك".

من جانبه، قال الباحث د. حسين الجاف ان "مكرم الطالباني منحدر من عائلة صوفية تنتمي إلى الطريقة القادرية، ولا يزال أبناء عمومته يتزعمون هذه الطريقة في كركوك. التكية الطالبانية في كركوك تعتبر مركزًا وطنيًا رفيعًا للتآخي والمحبة".

وأضاف الجاف، ان "الطالباني شخصيًا كان يميل إلى العزلة أحيانًا، وكنت أراه في جمعية الثقافة الكردية في بغداد في أوائل السبعينيات. يعتبر هو والمرحوم الوزير الشهيد صالح اليوسفي والدكتور سامال مجيد فرج من مؤسسي هذه الجمعية، التي تعتبر من روافد الثقافة الكردية الحقيقية ومركزًا للتآخي العربي الكردي".

مواقف مشهودة ونزاهة معهودة

بدوره، قال المهندس علي غالب، إن "الدول والوزارات والمؤسسات اعتادت أن تكرم رجالها العاملين وعلماءها البارزين وشخصياتها التي تركت بصمات خلال سنوات عملهم. وفقيدنا الدكتور مكرم الطالباني، الذي نقف اليوم لتأبينه، كان علمًا بارزًا من أعلام العراق ورجاله الوطنيين المخلصين، الذين بذلوا الكثير في خدمة الوطن في مختلف مواقع المسؤولية التي تقلدها، وتصدى لها طيلة مسيرة حياته المعروفة بالاستقامة والمواقف المشهودة والنزاهة المعهودة".

من جهته، قال الأكاديمي د. سيف القيسي ان "مكرم الطالباني شخصية وطنية لا تمثل الكرد أو الشيوعيين فقط، بل هي شخصية وطنية بامتياز. والشخصية الوطنية تتضح مما تركه من أثر هنا وهناك. وباعتباري باحثًا، تابعت عددًا من الشخصيات الشيوعية لإجراء مقابلات لرسالتي للماجستير وأطروحتي للدكتوراه، ومن ضمنهم الدكتور مكرم الطالباني، الذي كان وقتها في السليمانية. في لقائي معه، وجهت له مجموعة من الأسئلة وتناولت بعضًا من مسيرته. أول سؤال طرحته عليه كان: كيف لشخصية من عائلة دينية وطريقة صوفية أن تتجه إلى الحزب الشيوعي العراقي؟ فأجاب: 'نحن طريقة صوفية، والذين يترددون عليها أغلبهم من الناس الزهداء والفقراء والبسطاء. كانت هذه الطريقة على تماس مباشر مع همومهم وفقرهم المدقع، خاصة في المناطق الكردية. وبسبب هؤلاء، أصبحت أكثر قربًا من معاناة الناس. ومن خلال دراستي في بغداد، انضممت إلى الحزب الشيوعي في تلك الفترة، وأول قضية توليتها كانت الدفاع عن يوسف سلمان يوسف (فهد)".

واختتمت الجلسة الاستذكارية بتقديم الشكر للحضور، والتأكيد على أن إرث الراحل مكرم الطالباني سيظل خالدًا في ذاكرة العراقيين، كرمز للنضال الوطني والديمقراطي والدفاع عن حقوق الشعب العراقيين جميعا على حد سواء.

عرض مقالات: