اخر الاخبار

برغم مرور أكثر من عقدين على التغيير السياسي في العراق، لا يزال ملف حقوق الإنسان يواجه تحديات جوهرية، وسط استمرار الانتهاكات وضعف المعالجات الجذرية.

وتشير تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى تدهور الحريات العامة وتصاعد الانتهاكات في مختلف المجالات.

استمرار الانتهاكات

وفي هذا السياق، أكدت لجنة حقوق الإنسان النيابية أن الانتهاكات الحقوقية لم تتوقف منذ عام 2003 وحتى اليوم، مشيرة إلى أن المشكلة لا تقتصر فقط على أداء الحكومات المتعاقبة، بل تمتد إلى غياب التشريعات الضرورية، التي تعرقلها الاغلبية السياسية، ما يعيق بناء منظومة قانونية متكاملة تضمن الحماية الفعلية للحقوق والحريات.

أكد رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية، أرشد الصالحي، أن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق لا تزال مستمرة منذ عام 2003 وحتى اليوم، مشيرًا إلى أن المشكلة لا تكمن في أداء الحكومات، بل في غياب التشريعات الضرورية التي تعرقلها الأغلبية السياسية.

وأوضح الصالحي أن "هناك العديد من الحقوق الأساسية، مثل الحق في التربية والتعليم والصحة والسكن، بالإضافة إلى مشكلة التمييز بين مكونات المجتمع، تُسجل كسلبيات ضد القوى السياسية التي تشكل الحكومات العراقية".

وأضاف أن "هذه القوى مسؤولة عن استمرار انتهاكات حقوق الإنسان، بسبب عدم تشريع القوانين اللازمة لحمايتها".

وشدد الصالحي على "ضرورة إقرار قوانين تحمي حقوق المواطنين"، مشيرا إلى أن "بعض الأطراف تعرقل هذه التشريعات لأنها تتعارض مع مصالحها، مما يساهم في استمرار الانتهاكات دون حلول جذرية".

وفي ظل هذا الواقع، يرى مراقبون أن العراق ما زال بحاجة ماسة إلى إصلاح تشريعي شامل يشمل قوانين جوهرية مثل قانون مناهضة العنف الأسري، وحماية الطفل، وحرية الرأي والتعبير، وحق الحصول على المعلومات، ومناهضة التعذيب، وغيرها من القوانين التي تمس جوهر حقوق الإنسان. كما تتطلب المرحلة القادمة تفعيل الرقابة، وضمان استقلال القضاء، ودعم دور المجتمع المدني، لتعزيز آليات الحماية الحقوقية في البلاد.

مسؤولية الاخفاق مشتركة

وتعليقاً على ذلك أكد رئيس مؤسسة حق لحقوق الإنسان، عمر العلواني أن الانتهاكات الحقوقية في العراق تشهد تصاعدًا مستمرًا، مستندًا إلى مؤشرات عديدة تعكس تدهور الأوضاع في الفترة الأخيرة، سواء بسبب غياب التشريعات اللازمة أو ضعف الرقابة على معايير حقوق الإنسان.

واوضح بالقول انه برغم أن "تصريح لجنة حقوق الإنسان النيابية جيد، إلا أنها تتحمل جزءًا من المسؤولية عن هذا التراجع".

وبين في حديثه مع "طريق الشعب"، ان "المشكلة لا تكمن فقط في غياب القوانين، بل في عدم وجود منظومة حقيقية لحماية حقوق الإنسان، إضافة إلى ضعف تواصل لجنة حقوق الانسان النيابية مع المنظمات والمدافعين عن الحقوق، وأحيانًا ممارستها أدوار سياسية على حساب مهامها الأساسية".

وأشار إلى أن مجلس النواب، بصفته السلطة التشريعية العليا، "يتحمل مسؤولية كبرى في تقديم الضمانات وتعزيز حالة حقوق الإنسان عبر تشريعات ملائمة".

ولفت إلى ان تقرير بعثة الأمم المتحدة (يونامي) الصادر قبل نحو شهر بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية، "شدد على ضرورة أن تكون القوانين العراقية متوافقة مع معايير حقوق الإنسان والتزاماته الدولية، وهذا بحد ذاته مؤشر على غياب التشريعات المناسبة بل ووجود تشريعات مضادة للحقوق الأساسية".

وأضاف العلواني، أن "القوانين وحدها لا تكفي، إذ تبقى عديمة التأثير في ظل غياب الرقابة وعدم وجود آليات حقيقية لتطبيقها".

وانتقد العلواني اقتصار لجنة حقوق الإنسان النيابية على إصدار التصريحات، داعيًا إياها إلى تفعيل دورها عبر زيارات ميدانية للسجون، وإطلاق برامج لمتابعة الانتهاكات، وتعزيز التواصل مع المنظمات الحقوقية بشكل غير انتقائي.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن "مسؤولية تدهور حالة حقوق الإنسان في العراق مشتركة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية"، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات حقيقية لمعالجة الانتهاكات وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين.

ما المطلوب؟

من جهته، اكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، د. فاضل الغراوي أن واقع حقوق الإنسان في البلاد لا يزال يواجه تحديات كبيرة في مختلف المجالات، لا سيما في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وذكر البياتي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "مسؤولية تحسين هذا الواقع تقع على عاتق الجميع، بما في ذلك الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني والمؤسسات الرقابية"، مؤكدًا ضرورة تضافر الجهود لإجراء إصلاحات حقيقية.

ولفت إلى ان هناك حاجة ملحة "لإصدار تشريعات أساسية تعزز حقوق الإنسان، مثل قانون مناهضة العنف الأسري، وقانون حماية الطفل، وقانون حرية الرأي والتعبير، وقانون حق الحصول على المعلومة، وقانون مناهضة التعذيب، وغيرها من القوانين التي تمس جوهر الحقوق الأساسية للمواطنين".

وخلص الى القول: أن المطلوب اليوم هو "إصلاح تشريعي شامل، وتفعيل الدور الرقابي، وضمان استقلالية القضاء، وتعزيز دور المجتمع المدني، إلى جانب تحسين أداء الحكومة في حماية الحقوق وضمان تنفيذ الالتزامات القانونية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان".

عرض مقالات: