اخر الاخبار

يترقّب العراق أزمة محتملة في قطاع الطاقة بعد انتهاء الإعفاء الأمريكي السابق لاستيراد إمدادات الغاز الإيراني، في ظل عدم شمول البلاد بأي استثناء جديد من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، الأمر الذي يضع المنظومة الكهربائية أمام تحديات غير مسبوقة.

وعلى لسان الناطق باسمها، أكدت الحكومة عدم تلقيها إبلاغا رسميا بإنهاء الإعفاءات المتعلقة بالغاز الإيراني المستورد من الولايات المتحدة الأميركية.

وحدد الإعفاء الأخير من قبل الإدارة الأمريكية السابقة بـ90 يوما، وبالتالي فانه بعد انتهاء المدة وعدم تجديده، يعني ضمنيا أن إدارة ترامب لا تفكر في التجديد.  

ونفت الحكومة، أمس السبت، تلقي إبلاغ رسمي بإنهاء الإعفاءات المتعلقة بالغاز الإيراني المستورد من الولايات المتحدة الأميركية.

وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، ان العلاقة بين العراق والولايات المتحدة "هادئة"، وأنّ "العراق لم يبلغ رسميًا بإنهاء الإعفاءات على الغاز الإيراني المستورد"، مردفا "لكن رئيس الوزراء وضع السيناريو الأسوأ في احتماليته وطلب الاستعداد في ملف الإعفاءات"

وأضاف العوادي أن "الحكومة مستعدة في حال تم تجديد الإعفاءات أو لم يتم التجديد".

ومن بين الاستعدادات التي تحدث عنها العوادي، الغاز التركمانستاني، أو نصب منصات الغاز وهي "عبارة عن سفن عائمة ويتم ربطها بأنبوب خاص مربوط بالمحطات الكهربائية في البصرة"، لكن معنيين يؤكدون ان خيارات الاستيراد من دول أخرى مثل قطر وتركمانستان تصطدم بعوائق تقنية وسياسية، أبرزها غياب منشآت تخزين الغاز المسال، واعتماد خطوط نقل الغاز التركمانستاني على المرور عبر الأراضي الإيرانية، ما يجعله رهينة للتجاذبات الإقليمية والعقوبات الدولية.

لا إشعار رسميا

بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، إن "الغاز الإيراني كان لا يزال يتدفق الى المنطقة الجنوبية دون أي مشاكل حتى ظهر الخميس".

وقال موسى أن "الحكومة العراقية بمختلف مؤسساتها المختصة تعمل على عدم حدوث أي أزمة كهرباء خلال فصل الصيف المقبل، وهناك مساعٍ لتجديد الاستثناء الأميركي للعراق بشأن استيراد الغاز الإيراني، ولكن لا يوجد شيء رسمي من الجانب الأميركي للعراق حتى بشأن وقف هذه الاستثناءات التي تمنح له منذ سنين لمدة 120 يوماً قابلة لتجديد".

وأضاف ان وزارته "وقعت عقداً مع الجانب التركمانستاني لتزويدنا بـ20 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، إضافة إلى الربط الكهربائي مع دول الخليج، وكذلك الأردن وتركيا، والذي وصل إلى مراحله النهائية، وسيدخل حيز التنفيذ قريباً، وغيره من مشاريع الدورات المركبة والطاقة الشمسية ومشاريع إنتاج الطاقة من تدوير النفايات، فكل هذه المشاريع والخطط سوف تقلل من الاعتماد على الغاز الإيراني بنسبة كبيرة، وسوف تمنع حدوث أي أزمة للطاقة خلال الفترة المقبلة".

وأردف المتحدث كلامه بأن "إيقاف الغاز الإيراني بشكل كامل، سيكون له تأثير واضح وكبير على توفير الطاقة، لكن في الوقت نفسه الوزارة وضعت خططاً بالتنسيق مع وزارة النفط من أجل تجهيز المحطات بأكثر كمية ممكنة من الغاز، ووقف حرق الغاز المصاحب، وتأهيل الحقول الغازية الوطنية، وهناك تقدم كبير جداً بهذا الملف".

العراقيون بانتظار الصيف "الأسوأ"؟

رئيس لجنة الكهرباء النيابية، النائب محمد عبد ربه، أكد أمس السبت، عدم وجود بدائل للغاز الإيراني، مشيرا إلى أن العراق مقبل على صيف "أسوأ".

وقال عبدربه، إن "الحكومة الحالية، شأنها شأن الحكومات السابقة، لم تتخذ أي خطوات جدية لإيجاد بدائل عن الغاز الإيراني".

وأضاف، أنه "كان يفترض بالحكومة التخطيط لإيجاد بدائل منذ سنوات، بدلاً من رهن مستقبل الشعب والبلاد باتجاه واحد، الأمر الذي يضع العراق أمام نتائج سلبية خطيرة".

وأشار إلى أن "أزمة توقف إمدادات الغاز الإيراني ستتكرر مجدداً مع دخول فصل الصيف"، مؤكداً في الوقت نفسه أن "العراق مقبل على موسم صيفي سيكون من سيء إلى أسوأ".

ما الحلول؟

وقال الخبير النفطي حمزة الجواهري، أنه "لا يوجد بديل فوري لتعويض الغاز الإيراني بعد توقف إمداداته، إذ لا يمكن للغاز القطري أو غيره أن يدخل إلى العراق حالياً، نظراً لعدم امتلاك البلاد منشآت مخصصة لتخزين الغاز المسال".

وأضاف الجواهري في حديث لـ"طريق الشعب"، أن هذا النوع من الغاز "يتطلب ظروف تخزين خاصة، منها تخزينه في درجات حرارة تصل إلى -180 درجة مئوية تحت الصفر، وهو ما يفتقر إليه العراق حالياً".

أما فيما يخص الغاز المورد من تركمانستان، فقد أشار الجواهري إلى أن "توريده ما زال معلقاً، رغم استعداد تركمانستان لتزويد العراق بالغاز، وذلك لأن الأنبوب الناقل يمر عبر الأراضي الإيرانية، مما يتطلب موافقة كل من إيران والولايات المتحدة، خاصة في ظل العقوبات المفروضة على طهران".

وأوضح، أن "البدائل المتاحة حالياً تشمل استخدام وقود الديزل وزيت الوقود الثقيل (Cold Oil)، وهو خيار جيد لتوليد الكهرباء، لكنه يبقى حلاً مؤقتاً وغير كافٍ"، مشيرا الى أن هناك حلولاً أخرى مثل استخدام النفط الأسود أو الخام، لكنها غير فعالة من الناحية التقنية، إذ تؤدي إلى انخفاض كفاءة التوربينات بنحو 50 في المائة عند تشغيلها بهذه الأنواع من الوقود، فضلاً عن الأضرار البيئية الناتجة عنها".

وأشار في ختام حديثه إلى أن "معالجة الغاز المصاحب، الذي يحتوي على شوائب مثل الكبريت وثاني أكسيد الكبريت وكبريتيد الهيدروجين، ليست عملية يمكن إنجازها بين ليلة وضحاها، بل تحتاج إلى وقت طويل وإجراءات معقدة لإتمامها".

غياب ترشيد الاستهلاك

من جهته، أكد الخبير في مجال الطاقة، إحسان العطار، أن مسألة استثناء العراق من استيراد الغاز الإيراني غير واضحة، إذ ترتبط بالسياسة الخارجية للرئيس الأمريكي تجاه إيران، ما يجعل التكهن بإمكانية الاستثناء أمراً صعباً.

وأضاف العطار في حديث لـ "طريق الشعب"، أن العراق لا يشمله الاستثناء حالياً، وعليه التعامل مع هذا الواقع وفق المتاح، مشيرا إلى أن الحكومة "قررت إنشاء منصة بحرية في جنوب البلاد لاستيراد الغاز من مصادر بديلة".

وأكد أن "العمل على هذا المشروع جارٍ بشكل مستمر، ومن المحتمل أن تكون المنصة جاهزة لاستقبال ناقلات الغاز في المستقبل القريب". كما أوضح أن "الحقول العراقية ستكون قادرة على تلبية احتياجات البلاد من الغاز لتشغيل محطات الكهرباء وتغطية الاستهلاك المحلي، إلا أن التأخر في تطوير قطاع الغاز يعود إلى إخفاق الحكومات المتعاقبة، الى جانب عقود جولات التراخيص، التي أُبرمت على مدى السنوات الماضية، والتي أغفلت مسألة استثمار الغاز، حيث لم تلزم المستثمرين بهذا الأمر، ما أدى إلى استمرار حرق الغاز وهدره.

وخلص العطار الى أن "الأزمة الحقيقية في قطاع الطاقة بالعراق تكمن في غياب ترشيد استهلاك الكهرباء، إذ أن أية حلول أخرى ستكون غير فاعلة، ما لم يتم وضع آليات حقيقية لضبط الاستهلاك وترشيده".

عرض مقالات: