في أجواء من الفخر والاعتزاز، احتفى الحزب الشيوعي العراقي، بالذكرى الحادية والتسعين لتأسيسه، في حفل جماهيري مميز أقيم على قاعة معرض بغداد الدولي، بحضور واسع من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والنقابات، والجمعيات، والحركات الشعبية، فضلًا عن نخبة من الشخصيات الوطنية والمثقفين وحشود من أصدقاء الحزب ورفيقاته ورفاقه.
نشيد الوطن واستذكار الشهداء
انطلق الحفل الحاشد مباشرة بالنشيد الوطني العراقي، ثم وقوف الجميع دقيقة صمت تكريماً لأرواح شهداء الحزب والحركة الوطنية والديمقراطية في العراق، أولئك الذين سطّروا بدمائهم صفحات من الكفاح في سبيل وطن حر وشعب سعيد.
.. وما زالت الراية خفّاقة
بعدها دعا عريف الحفل الشاعر علي رياض تايه، الرفيق بسام محي، نائب سكرتير اللجنة المركزية، لالقاء كلمة الحزب. وقد استعرض فيها مسيرته منذ تأسيسه في 31 آذار 1934 على يد كوكبة من المناضلين، يتقدمهم يوسف سلمان يوسف (فهد)، وحتى يومنا هذا، مؤكدًا أن الحزب وُلد من رحم معاناة الشعب، ليكون معبرًا عن تطلعات العمال والفلاحين والكادحين، ولكي يخوض نضاله من أجل وطن حر، ينعم فيه الإنسان بالعدالة والمساواة والكرامة.
وأكد محي، أن الحزب لم يتخلَ يومًا عن مبادئه، رغم محاولات الاستئصال والبطش التي مورست بحقه من قبل الأنظمة الاستبدادية، التي أعدمت قياداته، وزجت بآلاف المناضلين في السجون والمنافي، من دون أن تنال من عزيمته، حيث بقي متجذرًا في وجدان الجماهير، مستمدًا منها قوته وصموده.
دعوة للتغيير..
وتحالف من أجل الدولة المدنية
وفي كلمته، اشار محي الى أن الأوضاع الحالية في البلاد، تشهد انسداداً سياسياً، وهيمنة أوليغارشية على السلطة والثروة، واستفحال الفقر والبطالة والفساد، ما يستدعي تغييرًا شاملًا في بنية النظام السياسي القائم على المحاصصة والطائفية.
ونبّه إلى أن الحزب طرح مبكرًا مشروعا للتغيير الوطني الديمقراطي، يرتكز على دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.
كما دعا إلى تعبئة الجماهير وقوى التغيير المدني والديمقراطي، لخوض الصراع السياسي عبر الوسائل السلمية، والمشاركة الواعية في الانتخابات القادمة، مع السعي لإقرار منظومة انتخابية عادلة، إلى جانب تصعيد الحراك الجماهيري الضاغط من أجل إزاحة المنظومة الحاكمة التي كرّست الخراب والانهيار.
مشروع التحالف المدني
استحقاق وطني
ودعا عريف الحفل مصطفى محمد الأستاذ اثير الدباس منسق التيار الديمقراطي، الذي القى كلمة التيار، وأكد فيها أن المناسبة تمثل فرصة لاستحضار تاريخ حافل بالنضال ضد الاستبداد والفساد، مشيرًا إلى أن الحزب الشيوعي كان ولا يزال قوة حية تدافع عن الكادحين والمحرومين.
وأشار المتحدث إلى أن التحالف بين القوى المدنية والديمقراطية بات ضرورة وطنية ملحّة، في ظل تعمق الأزمة السياسية والاقتصادية، مؤكداً أن التيار الديمقراطي يدفع باتجاه بناء جبهة مدنية واسعة تُعد بديلاً حقيقيًا لنظام المحاصصة، وتُعزز مشروع الدولة المدنية التي تضع حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في جوهرها.
مواقف الشيوعي العراقي ثابتة
وارتجل سعادة السفير الفلسطيني في بغداد احمد الرويضي، كلمة السفارة وجاء فيها: يأتي احتفالكم هذا وما زال شعبنا الفلسطيني في معركة الحفاظ على أرضه، وعلى ثباته ورفض التهجير. وفي هذا الظرف الصعب وهذه المرحلة الحرجة تظهر المواقف. وسوف يتبين من هو مع الحق والحرية. لذا نقول ان هذه المرحلة تتطلب مواقف فعلية جدية، للتأكيد على ان فلسطين دولة.
ومن هذه الفعالية أقول، لا لازدواجية المعايير والمواقف المتراخية، اذ ان الشعب الفلسطيني يريد موقفاً جدياً فعلياً، يقف معه في معركته الآنية، التي هي مستمرة منذ 76 عاما. وكذلك أن هذه المناسبة تمثل فرصة لتقديم الشكر الى العراق بكل مكوناته ومؤسساته الرسمية والدينية والشعبية والاتحادات والنقابات على مواقفهم السباقة الثابتة في عدم القضية الفلسطينية، وكذلك نشكر الحزب الشيوعي العراقي ايضاً على مواقفه الثابتة التي تؤكد دوماً انه يقف مع الحق الفلسطيني في نيل الحرية والاستقلال، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
إلى التكاتف من أجل التغيير
فيما أكدت كلمة رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين، التي قرأها الرفيق شاكر عبد جابر رئيس اللجنة التنفيذية، أن النضال الذي خاضه الأنصار في جبال كردستان، وامتزجت فيه التضحيات بالثبات على المبادئ، سيبقى مشعلاً ينير درب الكفاح من أجل عراق ديمقراطي حر، خالٍ من الاستبداد والمحاصصة والفساد.
وشددت الرابطة على أن ذكرى تأسيس الحزب هي مناسبة لتجديد العهد مع رفاق السلاح الذين ارتقوا شهداء في سبيل وطن حر وشعب سعيد، مشيرة إلى أن تضحيات الأنصار ووقوفهم بوجه الدكتاتورية، في أحلك الظروف، تمثل جزءاً أصيلاً من ملحمة الحزب النضالية التي لم تتوقف منذ لحظة تأسيسه.
ودعت رابطة الأنصار إلى وحدة قوى التغيير الديمقراطي وتصعيد النضال السلمي والشعبي لإحداث التغيير الشامل، مؤكدة أن الأنصار سيظلون سنداً للحزب في معاركه الوطنية والاجتماعية الراهنة، كما كانوا دائماً.
قصائد وفاء للحزب وتضحياته
وتخلل الحفل إلقاء قصائد للشاعرين أجود مجبل وفالح حسون الدراجي، مجّدت الحزب وشهداءه. كما قدم الفنان علي حسن وفرقته أغاني ثوريةً ووطنية تفاعل معها الحضور الحاشد.
استمرار النضال من أجل التغيير
وبعد ان دعت عريفة الحفل الرفيقة منال جبار، في ختام الحفل، الشيوعيين الى مواصلة نضالهم من اجل الوطن الحر والشعب السعيد، صعد الى المنصة رفيقات ورفاق شباب، مرددين أغاني الحزب والنشيد الاممي.
وحتى بعد ذلك، واصل الشيوعيون المحتفلون بعيد حزبهم الغناء وأداء الدبكات في باحة القاعة وخارجها الى وقت متأخر، مؤكدين أن الحزب سيواصل نضاله رغم التحديات، وسيظل صوته عاليًا في الدفاع عن مصالح الكادحين، وعن حقوق المرأة والشباب والطلبة والمهمشين، من أجل بناء عراق ديمقراطي مزدهر خالٍ من الفساد.