يتزامن عيد العمال العالمي هذه السنة مع الذكرى السنوية العاشرة لتشريع قانون العمل في العراق، وهي مناسبة استثنائية يراجع من خلالها الناشطون في قطاع العمال ما قدمه القانون من امتيازات، والاخفاقات التي أدت الى عدم تطبيقه وانفاذه بالشكل المطلوب، فضلا عن استمرار الانتهاكات التي يتعرض لها العمال في القطاعين العام والخاص.
انقسامات ومسؤوليات!
عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، علي صاحب، قال ان "هناك إشكالية حقيقية في انفاذ قوانين العمل والضمان الاجتماعي. ولغاية هذه اللحظة وزارة العمل لم تحقق شيئا كبيرا في هذا الجانب. كما ان لجان التفتيش ما زالت اعدادها محدودة، وهذا ما يؤثر على تطبيق قانون العمل".
وأضاف، ان "الشركاء الاجتماعيين لوزارة العمل يتحملون جزءا من هذه المسؤولية. كما ان نقابات العمال ـ برغم ظروفها وانقساماتها ـ تتحمل جزءا آخر، إذ يمكن لها بذل جهد أكبر من اجل إنفاذ قانون العمل والضمان الاجتماعي ومتابعة ذلك".
أزمة حقيقية وغياب المعالجات!
وأشار صاحب الى إشكالية حقيقية تتعلق بالقرارات والتعليمات التي تصدر بعد القانون. كما لا يجري حساب الأثر المترتب على عدم تنفيذ القانون.
وتابع ان الاحتجاجات التي تدشن في قطاعات عدة تعكس مدى الغبن الذي يتعرض له العمال والشغيلة سواء في القطاع العام أم الخاص، على مستوى الموظفين أو الحرفيين وغيرهم، منبها الى أن "عدم توفر الحلول والمعالجات يحول تلك الاحتجاجات الى حركة جماهيرية واسعة".
ودعا عضو المكتب السياسي الى أن يكون هناك حراك جماهيري واسع للمطالبة بتغيير ظروف العمل وتحسينها: "وهنا يتطلب من القوى الاجتماعية والطبقية ان تقود هذا الحراك وان تكون مؤثرة فيه، وداعمة ومساندة له".
أفضل التشريعات ولكن!
من جانبها، قالت الناشطة العمالية منال جبار، ان "مناسبة الأول من أيار ـ عيد العمال العالمي تمر هذه السنة بالتزامن مع مرور عقد كامل على تشريع قانون العمل العراقي، الذي كان من بين أفضل التشريعات القانونية التي أنصفت العمال وحقوقهم، وتضمن الكثير من المواد التي توفر الحماية القانونية للعمال وخاصة للمرأة العاملة".
وأضافت، انه "بمناسبة مرور عقد كامل على تشريع القانون الذي نص على حقوق ومكتسبات قانونية للمرأة خاصة، نتساءل: هل فعلا هذا التشريع أدى المهمة التي شرع من اجلها؟ للأسف لم ينفد القانون حتى الآن، وهنا تكمن المشكلة، فالواقع يعطي مؤشرات مختلفة عن الهدف الذي جرى التشريع من اجله؛ فالمرأة تعاني من تهميش وتمييز وزيادة ساعات العمل غير مدفوعة الاجر".
ضعف قانوني وإعلامي
وأشارت الى ان "المرأة العاملة لا تفصح عن الانتهاكات التي تتعرض لها أمام لجان التفتيش التي يكون أعضاؤها من الذكور عادة، وذلك لتجنب الحرج الاجتماعي"، مردفة "هذا إن وصلت لجان التفتيش إليهن أصلا!".
وتابعت ان "هناك مشكلة لدى الاتحادات والنقابات المعنية برصد الانتهاكات وتوعية العمال بالجهات التي يلجؤون اليها حتى يحصلون على حقوقهم او دفع الانتهاك عنهم. كذلك الجانب الإعلامي يشهد ضعفا كبيرا، كون الكثير من العمال والعاملات لا يعرفون حقوقهم، وهم بحاجة الى تبني اعلامي واسع وإطلاق حملة كبيرة يستفيد منها العمال والعاملات، بطريقة سهلة وسلسة".
وبيّنت الناشطة النقابية، ان "الكثير من النساء الحوامل يجري الاستغناء عنهن في سوق العمل بمجرد معرفة بدء فترة الحمل. هناك أصحاب عمل يأخذون تعهدات على النساء العاملات بعدم الحمل أثناء فترة العمل. هذا انتهاك صارخ للخصوصية بحق النساء العاملات".
العطلة للموظفين لا للعمّال!
رئيس اتحاد نقابات عمال النجف احمد عباس، ذكر ان "عيد العمال العالمي والذي يعد يوما عالميا للعمال للاحتفاء بالمنجزات التي حصلوا عليها، ويعتبر عطلة رسمية، الا انه للأسف الشديد نرى في العراق عموما، وفي محافظة النجف على وجه الخصوص، العمال يعملون في هذا اليوم، من اجل قوتهم اليومي، كون رب العمل لا يوافق على منحهم إجازة العطلة، اضافة الى ان هناك عمالا إذا لم يعملوا لن يحصلوا على قوت يومهم، فيما نجد الموظف يتمتع بعطلة ليست عطلته، وهذا غير منصف بحق العمال".
وتابع، انه "من جانب آخر نجد هناك العديد من القوانين التي شرعت ومنها (قانون العمل رقم 37 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي)، ولكنها لم تطبق او تفعل بشكل صحيح حتى هذه اللحظة. ولا يوجد اي شيء يخدم العامل ويضمن حقوقه ويحافظ على سلامته او يوفر الحياة الكريمة لعائلته، كون القوانين معطلة، وهي حبر على ورق".
وأضاف انه "بالنسبة لعمال الاجر اليومي في القطاع العام وبالأخص العاملين في البلديات (عمال التنظيف)، فان اجورهم لا تتجاوز 200 ألف دينار. بينما المقر رسميا يكون اقل اجر 350 ألف دينار"، مبينا انه "في القطاع الخاص سنجد الايدي العاملة الأجنبية تفوق الواقع والخيال وفي اغلب مجالات العمل، وهي ايدي اجنبية غير شرعية، وتحظى بدعم من شخصيات حكومية او رجال دين، على حساب الايدي العاملة العراقية التي وصلت البطالة فيها الى أكثر من 40 بالمئة، وغالبيتهم من الشباب، وهذا الامر أدى الى مزاولة أنشطة أخرى ومنها بيع المخدرات والتسول، ناهيك عن حالات الانتحار".
ولفت عباس الى ان "اخر ما حدث هو بيع وايقاف عمل المعامل التابعة الى وزارة الصناعة وتسريح اعداد من العمال، وعدم إعطائهم مستحقاتهم"، داعيا الحكومة المحلية في محافظة النجف الى "الالتفات إلى شريحة العمال، والعمل على زيادة أجورهم، وتوفير فرص عمل للعاطلين منهم، وإصدار قرارات داعمة لتنفيذ القوانين الضامنة لحقوقهم، وبالأخص قانون التقاعد والضمان الاجتماعي".